ثَمَانُونَ جَلْدَةً، وَعَنْهُ: أَرْبَعُونَ إِنْ كَانَ حُرًّا. وَالرَّقِيقُ عَلَى النِّصْفِ مِنْ ذَلِكَ إِلَّا الذِّمِّيَّ، فَإِنَّهُ لَا يُحَدُّ بِشُرْبِهِ فِي الصَّحِيحِ مِنَ الْمَذْهَبِ، وَهَلْ يَجِبُ الْحَدُّ بِوُجُودِ الرَّائِحَةِ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ.
وَالْعَصِيرُ إِذَا أَتَتْ عَلَيْهِ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ حَرُمَ، إِلَّا أَنْ يُغْلَى قَبْلَ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
(وَعَنْهُ: أَرْبَعُونَ إِنْ كَانَ حُرًّا) اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ وَالْمُؤَلِّفُ وَغَيْرُهُمَا، لِمَا رُوِيَ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ «جَلَدَ الْوَلِيدَ بْنَ عُقْبَةَ أَرْبَعِينَ، ثُمَّ قَالَ: جَلَدَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَرْبَعِينَ، وَأَبُو بَكْرٍ أَرْبَعِينَ، وَعُمَرُ ثَمَانِينَ، وَكُلٌّ سُنَّةٌ، وَهَذَا أَحَبُّ إِلَيَّ» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ. لَا يُقَالُ: فِعْلُ عُمَرَ كَانَ بِمَحْضَرٍ مِنَ الصَّحَابَةِ فَيَكُونُ إِجْمَاعًا، وَلِأَنَّ فِعْلَهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - حُجَّةٌ، لَا يَجُوزُ تَرْكُهُ لِفِعْلِ غَيْرِهِ، وَلَا يَنْعَقِدُ الْإِجْمَاعُ مَعَ مُخَالَفَةِ أَبِي بَكْرٍ وَعَلِيٍّ، بَلْ يُحْتَمَلُ أَنَّ عُمَرَ فَعَلَ الزِّيَادَةَ عَلَى أَنَّهَا تَعْزِيرٌ، يَجُوزُ فِعْلُهَا إِذَا رَآهَا الْإِمَامُ، وَضَرَبَ عَلِيٌّ النَّجَاشِيَّ بِشُرْبِهِ فِي رَمَضَانَ ثَمَانِينَ، ثُمَّ حَبَسَهُ، ثُمَّ عِشْرِينَ مِنَ الْغَدِ، نَقَلَ صَالِحٌ: أَذْهَبُ إِلَيْهِ، وَنَقَلَ حَنْبَلٌ: يُغَلَّظُ عَلَيْهِ كَمَنْ قَتَلَ فِي الْحَرَمِ، وَاخْتَارَ أَبُو بَكْرٍ: يُعَزَّرُ بِعَشَرَةٍ فَأَقَلَّ، وَفِي الْمُغْنِي: عَزَّرَهُ بِعِشْرِينَ لِفِطْرِهِ (وَالرَّقِيقُ) عَبْدًا كَانَ أَوْ أَمَةً (عَلَى النِّصْفِ مِنْ ذَلِكَ) كَالزِّنَا وَالْقَذْفِ، فَكَذَا مَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ مِنْ بَابٍ أَوْلَى، فَعَلَى الْأُولَى: يُحَدُّ أَرْبَعِينَ، وَعَلَى الثَّانِيَةِ: عِشْرِينَ، صَرَّحَ بِهِ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ (إِلَّا الذِّمِّيَّ فَإِنَّهُ لَا يُحَدُّ بِشُرْبِهِ فِي الصَّحِيحِ مِنَ الْمَذْهَبِ) لِأَنَّهُ يَعْتَقِدُ حِلَّهُ، فَلَمْ يُحَدَّ بِفِعْلِهِ، كَنِكَاحِ الْمَجُوسِ ذَوَاتِ مَحَارِمِهِمْ، وَالثَّانِيَةُ: بَلَى، لِأَنَّهُ شَرِبَ مُسْكِرًا عَالِمًا بِهِ مُخْتَارًا، أَشْبَهَ شَارِبَ النَّبِيذِ إِذَا اعْتَقَدَ حِلَّهُ، قَالَ فِي الْمُحَرَّرِ: وَعِنْدِي يُحَدُّ إِنْ سَكِرَ، وَإِلَّا فَلَا، وَالْمَذْهَبُ خِلَافُهُ، قَالَ فِي الْبُلْغَةِ: وَلَوْ رَضِيَ بِحُكْمِنَا، لِأَنَّهُ لَمْ يَلْتَزِمِ الِانْقِيَادَ فِي مُخَالَفَةِ دِينِهِ (وَهَلْ يَجِبُ الْحَدُّ بِوُجُودِ الرَّائِحَةِ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ) .
أَظْهَرُهُمَا: لَا يَجِبُ، وَقَدَّمَهُ فِي الْكَافِي وَالرِّعَايَةِ وَالْفُرُوعِ، وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ، فَعَلَى هَذَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute