للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُقْطَعْ بِسَرِقَتِهِ. وَإِنْ سَرَقَ مِنَ السُّوقِ غَزْلًا، وَثَمَّ حَافِظٌ، قُطِعَ، وَإِلَّا فَلَا، وَمَنْ سَرَقَ مِنَ النَّخْلِ، أَوِ الشَّجَرِ مِنْ غَيْرِ حِرْزٍ، فَلَا قَطْعَ عَلَيْهِ، وَيَضْمَنُ عِوَضَهَا

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ: لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ فِي الْبَلَدِ، أَوْ بَرِّيَّةٍ (وَإِنْ مَالَ رَأْسُهُ عَنْهُ لَمْ يُقْطَعْ بِسَرِقَتِهِ) لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ مُحْرَزًا، وَفِي " الْمُسْتَوْعِبِ ": أَنَّهُ يَجِبُ الْقَطْعُ مَا دَامَ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ أَعْضَائِهِ حَالَ نَوْمِهِ، فَإِنِ انْقَلَبَ عَنْهُ وَلَمْ يَبْقَ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ أَعْضَائِهِ، فَلَا، ذَكَرَهُ فِي " الرِّعَايَةِ " وَجْهًا (وَإِنْ سَرَقَ مِنَ السُّوقِ غَزْلًا وَثَمَّ حَافِظٌ قُطِعَ) لِأَنَّ حِرْزَهُ بِحَافِظِهِ (وَإِلَّا فَلَا) أَيْ: إِذَا لَمْ يَكُنْ ثَمَّ حَافِظٌ فَلَا قَطْعَ، لِأَنَّهُ مال غير مُحْرَزٌ، وَفِي " الْمُحَرَّرِ ": هَلْ حِرْزُهُ بِحَافِظٍ أَمْ لَا؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ (وَمَنْ سَرَقَ مِنَ النَّخْلِ أَوِ الشَّجَرِ مِنْ غَيْرِ حِرْزٍ فَلَا قَطْعَ عَلَيْهِ) وِفَاقًا، وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ: إِنْ كَانَ مِنْ بُسْتَانٍ مُحْرَزٍ فَفِيهِ الْقَطْعُ، وَقَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: لِظَاهِرِ الْآيَةِ، وَكَسَائِرِ الْمُحْرَزَاتِ، وَجَوَابُهُ: مَا رَوَى رَافِعٌ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لَا قَطْعَ فِي ثَمَرٍ، وَلَا كَثَرٍ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَالتِّرْمِذِيُّ. وَظَاهِرُهُ: وَلَوْ كَانَ عَلَيْهِ حَائِطٌ، وَحَافِظٌ، لَكِنْ إِنْ كَانَتِ الشَّجَرَةُ فِي دَارِهِ، وَهِيَ: مُحْرَزَةٌ، فَسَرَقَ مِنْهَا نِصَابًا قُطِعَ (وَيَضْمَنُ عِوَضَهَا مَرَّتَيْنِ) لِمَا رَوَى عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: «سُئِلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنِ الثمر الْمُعَلَّقِ، فَقَالَ: مَنْ أَصَابَ بِفِيهِ مِنْ ذِي حاجة غَيْرَ مُتَّخِذٍ خُبْنَةً فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَمَنْ خَرَجَ بِشَيْءٍ مِنْهُ، فَعَلَيْهِ غَرَامَةُ مِثْلَيْهِ وَالْعُقُوبَةُ، وَمَنْ سَرَقَ مِنْهُ شَيْئًا بَعْدَ أَنْ يُؤْوِيَهُ الْجَرِينُ فَبَلَغَ ثَمَنَ الْمِجَنِّ فَعَلَيْهِ الْقَطْعُ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالنَّسَائِيُّ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَلَفْظُهُ لَهُ، قَالَ أَحْمَدُ: لَا أَعْلَمُ شَيْئًا يَدْفَعُهُ، وَقَالَ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ: لَا يَجِبُ أَكْثَرُ مِنْ مِثْلِهِ، قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: لَا أَعْلَمُ أَحَدًا قَالَ بِوُجُوبِ غَرَامَةِ مِثْلَيْهِ، وَاحْتَجَّ أَحْمَدُ بِأَنَّ عُمَرَ أَغْرَمَ حَاطِبَ بْنَ أَبِي بَلْتَعَةَ حِينَ نَحَرَ غِلْمَانُهُ نَاقَةَ رَجُلٍ مِنْ مُزَيْنَةَ مِثْلَيْ قِيمَتِهَا. رَوَاهُ الْأَثْرَمُ. قَالَ الْقَاضِي فِي الْخِلَافِ: وَفِي هَذَا دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ السَّرِقَةَ فِي عَامِ الْمَجَاعَةِ يُضَاعَفُ الْغُرْمُ فِيهَا عَلَى قَوْلِ أَحْمَدَ، وَلِأَنَّ الثِّمَارَ فِي الْعَادَةِ تَسْبِقُ الْيَدُ إِلَيْهَا، فَجَازَ أَنْ تُغَلَّظَ عَلَيْهِ فِي الْقِيمَةِ رَدْعًا لَهُ وَزَجْرًا، بِخِلَافِ بَقِيَّةِ الْمَوَاضِعِ، فَإِنَّهَا فِي الْعَادَةِ مُحْرَزَةٌ، فَالْيَدُ لَا تُسْرِعُ إِلَيْهَا، وَمُقْتَضَاهُ وَإِنْ كَانَ الْمَأْخُوذُ دُونَ نِصَابٍ ومن غير حِرْزٍ، وَقَالَهُ الْقَاضِي، وَالزَّرْكَشِيُّ.

فَرْعٌ: لَا قَطْعَ فِي عَامِ مَجَاعَةِ غَلَاءٍ، نَصَّ عَلَيْهِ، إِذَا لَمْ يَجِدْ مَا يَشْتَرِيهِ، أَوْ يَشْتَرِي بِهِ، قَالَ جَمَاعَةٌ: مَا لَمْ يُبْذَلْ لَهُ، وَلَوْ بِثَمَنٍ غَالٍ، وَفِي " التَّرْغِيبِ ": مَا يُحْيِي بِهِ نَفْسَهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>