للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِأَحَدٍ مِمَّنْ لَا يُقْطَعُ بِالسَّرِقَةِ مِنْهُ، وَمَنْ سَرَقَ مِنَ الْغَنِيمَةِ مِمَّنْ لَهُ فِيهَا حَقٌّ أَوْ لِوَلَدِهِ أَوْ سَيِّدِهِ، لَمْ يُقْطَعْ. وَهَلْ يُقْطَعُ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ بِالسَّرِقَةِ مِنْ مَالِ الْآخَرِ الْمُحْرَزِ عَنْهُ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ. وَيُقْطَعُ سَائِرُ الْأَقَارِبِ بِالسَّرِقَةِ مِنْ مَالِ أَقَارِبِهِمْ، وَيُقْطَعُ الْمُسْلِمُ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

لَهُ فِيهِ شُبْهَةً، فَلَأَنْ لَا يُقْطَعَ بِالسَّرِقَةِ مِنْ مَالِ شَرِيكِهِ مِنْ بَابٍ أَوْلَى (أَوْ لِأَحَدٍ مِمَّنْ لَا يُقْطَعُ بِالسَّرِقَةِ مِنْهُ) كَمَالٍ مُشْتَرَكٍ لِأَبِيهِ وَابْنِهِ، لِأَنَّ لَهُ فِيهِ شُبْهَةً لَكُوْنِ أَبِيهِ وَابْنِهِ وَنَحْوِهِمَا لَهُ فِيهِ شَرِكَةٌ (وَمَنْ سَرَقَ مِنَ الْغَنِيمَةِ مِمَّنْ لَهُ فِيهَا حَقٌّ) أَيْ: لَمْ تُخَمَّسْ (أَوْ لِوَلَدِهِ، أَوْ سَيِّدِهِ، لَمْ يُقْطَعْ) لِأَنَّ لَهُ فِي الْمَالِ الْمَسْرُوقِ حَقًّا، أَوْ شُبْهَةَ حَقٍّ، وَكُلٌّ مِنْهُمَا يَمْنَعُ الْحَدَّ، وَحَكَى ابْنُ أَبِي مُوسَى أَنَّهُ يُحْرَقُ رَحْلُهُ كَالْغَالِّ، وَإِنْ أُخْرِجَ الْخُمْسُ فَسَرَقَ مِنَ الْأَرْبَعَةِ أَخْمَاسٍ، قُطِعَ.

(وَهَلْ يُقْطَعُ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ بِالسَّرِقَةِ مِنْ مَالِ الْآخَرِ الْمُحْرَزِ عَنْهُ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ) وَكَذَا فِي " الْمُحَرَّرِ "، إِحْدَاهُمَا: لَا قَطْعَ، اخْتَارَهَا الْخِرَقِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ، وَجَزَمَ بِهَا فِي " الْوَجِيزِ "، وَقَدَّمَهَا فِي الْفُرُوعِ، وَذَكَرَ أَنَّهُ اخْتِيَارُ الْأَكْثَرِ، وَهِيَ قَوْلُ عُمَرَ. رَوَاهُ سَعِيدٌ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ. وَلِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَرِثُ صَاحِبَهُ بِغَيْرِ حَجْبٍ، وَيَنْبَسِطُ بِمَالِهِ، أَشْبَهَ الْوَلَدَ وَالْوَالِدَ، وَكَمَا لَوْ مَنَعَهَا نَفَقَتَهَا، قَالَهُ فِي " التَّرْغِيبِ ".

وَالثَّانِيَةُ: يُقْطَعُ كَحِرْزٍ مُفْرَدٍ، قَالَهُ فِي " التَّبْصِرَةِ "، كَضَيْفِهِ، وَصَدِيقِهِ، وَعَبْدِهِ مِنِ امْرَأَتِهِ، مِنْ مَالٍ مُحْرَزٍ عَنْهُ، وَلَمْ يَمْنَعِ الضَّيْفَ قِرَاهُ، قَالَ فِي " الشَّرْحِ ": وَهِيَ ظَاهِرُ الْخِرَقِيِّ لِعُمُومِ الْآيَةِ، وَكَالْأَجْنَبِيِّ، وَفَرَّقَ قَوْمٌ، فَقَالُوا: يُقْطَعُ الزَّوْجُ بِسَرِقَةِ مَالِهَا، لِأَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ فِيهِ بِخِلَافِهَا، لِأَنَّ لَهَا النَّفَقَةَ فِيهِ، فَأَمَّا إِنْ لَمْ يَكُنْ مَالُ أَحَدِهِمَا مُحْرَزًا عَنِ الْآخَرِ فَلَا قَطْعَ، رِوَايَةً وَاحِدَةً.

فَرْعٌ: لَا تُقْطَعُ الزَّوْجَةُ بِسَرِقَةِ نَفَقَتِهَا، أَوْ نَفَقَةِ وَلَدِهَا الْوَاجِبَةِ مَعَ مَنْعِهَا مِنْهُمَا، سَوَاءٌ أَخَذَتْ قَدْرَ ذَلِكَ أَوْ أَكْثَرَ مِنْهُ، لِأَنَّهَا تَسْتَحِقُّ قَدْرَ ذَلِكَ، فَالزَّائِدُ يَكُونُ مُشْتَرَكًا، فَاسْتُحِقَّ أَخْذُهُ (وَيُقْطَعُ سَائِرُ الْأَقَارِبِ بِالسَّرِقَةِ مِنْ مَالِ أَقَارِبِهِمْ) نَصَرَهُ الْقَاضِي، وَالْمُؤَلِّفُ، وَجَزَمَ بِهِ فِي " الْوَجِيزِ "، لِأَنَّ الْقَرَابَةَ هُنَا لَا تَمْنَعُ قَبُولَ الشَّهَادَةِ، فَلَا تَمْنَعُ الْقَطْعَ، وَلِأَنَّ الْآيَةَ وَالْأَخْبَارَ تَعُمُّ كُلَّ سَارِقٍ خَرَجَ مِنْهُ مَا تَقَدَّمَ، فَيَبْقَى مَا عَدَاهُ عَلَى مُقْتَضَى الْأَصْلِ، وَقِيلَ: إِلَّا ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ، وَفِي " الْوَاضِحِ ": قُطِعَ غَيْرُ أَبٍ (وَيُقْطَعُ الْمُسْلِمُ بِالسَّرِقَةِ مِنْ مَالِ الذِّمِّيِّ) بِغَيْرِ خِلَافٍ نَعْلَمُهُ، لِأَنَّ مَالَهُ صَارَ مَعْصُومًا بِأَدَاءِ الْجِزْيَةِ، فَوَجَبَ الْقَطْعُ بِسَرِقَتِهِ كَمَالِ الْمُسْلِمِ (وَالْمُسْتَأْمَنِ) لِأَنَّ مَالَهُ مَالُ الذِّمِّيِّ، بِدَلِيلِ أَنَّهُ يَجِبُ الضَّمَانُ بِإِتْلَافِهِ (وَيُقْطَعَانِ

<<  <  ج: ص:  >  >>