للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْيُمْنَى، وَرِجْلُهُ الْيُسْرَى فِي مَقَامٍ وَاحِدٍ، وَحُسِمَتَا، وَخُلِّيَ، وَلَا يُقْطَعُ مِنْهُمْ إِلَّا مَنْ أَخَذَ مَا يُقْطَعُ السَّارِقُ فِي مِثْلِهِ، فَإِنْ كَانَتْ يَمِينُهُ مَقْطُوعَةً، أَوْ مُسْتَحَقَّةً فِي قِصَاصٍ، أَوْ شَلَّاءَ، قُطِعَتْ رِجْلُهُ الْيُسْرَى، وَهَلْ تُقْطَعُ يُسْرَى يَدَيْهِ؟ يَنْبَنِي عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ فِي قَطْعِ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

بِأَخْذِ الْمَالِ مَعَ الْقَتْلِ أَعْظَمُ، فَكَانَتْ عُقُوبَتُهُمْ أَغْلَظَ.

وَالثَّانِيَةُ: بَلَى، لِأَنَّهُ مُحَارِبٌ يَجِبُ قَتْلُهُ، فَيُصْلَبُ كَمَنْ أَخَذَ الْمَالَ (وَمَنْ أَخَذَ الْمَالَ وَلَمْ يُقْتَلْ قُطِعَتْ) حَتْمًا (يَدُهُ الْيُمْنَى وَرِجْلُهُ الْيُسْرَى) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ} [المائدة: ٣٣] وَإِنَّمَا قُطِعَتْ يَدُهُ الْيُمْنَى لِلْمَعْنَى الَّذِي تَقَدَّمَ فِي السَّارِقِ، لِأَنَّهُ سَارِقٌ وَزِيَادَةٌ، ثُمَّ رِجْلُهُ الْيُسْرَى لِتَحَقُّقِ الْمُخَالَفَةِ، وَلِيَكُونَ أَرْفَقَ بِهِ فِي مَكَانِ مَشْيِهِ، وَلَا يَنْتَظِرُ انْدِمَالَ الْيَدِ، بَلْ يُقْطَعَانِ (فِي مَقَامٍ وَاحِدٍ) لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَمَرَ بِقَطْعِهِمَا مِنْ غَيْرِ تَعَرُّضٍ لِتَأْخِيرِ شَيْءٍ مِنْهُمَا، فَيُبْدَأُ بِيَمِينِهِ، فَتُقْطَعُ وَتُحْسَمُ، ثُمَّ بِرِجْلِهِ كَذَلِكَ، وَهَذَا التَّرْتِيبُ وَاجِبٌ، ذَكَرَهُ ابْنُ شِهَابٍ وَغَيْرُهُ (وَحُسِمَتَا) لِقَوْلِهِ: «اقْطَعُوهُ وَاحْسِمُوهُ» لِأَنَّ الْحَسْمَ يَسُدُّ أَفْوَاهَ الْعُرُوقِ، وَيَمْنَعُ الدَّمَ مِنَ النَّزْفِ، وَيَكُونُ ذَلِكَ حَتْمًا (وَخُلِّيَ) بَعْدَ ذَلِكَ، لِأَنَّ الْحَقَّ الَّذِي عَلَيْهِ قَدِ اسْتُوْفِيَ، أَشْبَهَ الْمَدِينَ إِذَا أَدَّى دَيْنَهُ (وَلَا يُقْطَعُ مِنْهُمْ إِلَّا مَنْ أَخَذَ مَا يُقْطَعُ السَّارِقُ فِي مِثْلِهِ) ، لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «لَا قَطْعَ إِلَّا فِي رُبْعِ دِينَارٍ» وَلَمْ يُفَصِّلْ، وَلِأَنَّهَا جِنَايَةٌ تَعَلَّقَتْ بِهَا عُقُوبَةٌ فِي حَقِّ غَيْرِ الْمُحَارِبِ، فَلَا تَغْلِيظَ فِي الْمُحَارِبِ بِأَكْثَرَ مِنْ وَجْهٍ وَاحِدٍ كَالْقَتْلِ. وَظَاهِرُهُ: أَنَّهُ يُعْتَبَرُ الْحِرْزُ أَيْضًا فإن أخذوا مِنْ مَالٍ لَهُمْ فِيهِ شَرِكَةٌ أَوْ شُبْهَةٌ - عَلَى مَا ذَكَرْنَا فِي الْمَسْرُوقِ - لَمْ يُقْطَعْ، ذَكَرَهُ فِي " الشَّرْحِ " وَغَيْرِهِ، وَفِي " الْمُسْتَوْعِبِ " وَجْهَانِ (فَإِنْ كَانَتْ يَمِينُهُ مَقْطُوعَةً) بِأَنْ قُطِعَتْ فِي سَرِقَةٍ، أَوْ غَيْرِهَا (أَوْ مُسْتَحَقَّةً فِي قِصَاصٍ، أَوْ شَلَّاءَ، قُطِعَتْ رِجْلُهُ الْيُسْرَى) كَمَا لَوْ كَانَتْ يُمْنَاهُ مَوْجُودَةً، لَأَنَّ ذَلِكَ وَاجِبٌ أَمْكَنَ اسْتِيفَاؤُهُ، وَكَذَا إِنْ كَانَتِ الْيُمْنَى مَوْجُودَةً، وَالْيُسْرَى مَعْدُومَةً فإنا نَقْطَعُ الْمَوْجُودَ مِنْهَا حَسْبُ، وَيَسْقُطُ الْقَطْعُ فِي الْمَعْدُومِ، لِأَنَّ مَا تَعَلَّقَ بِهِ الْفَرْضُ قَدْ زَالَ، فَيَسْقُطُ، كَالْغُسْلِ فِي الْوُضُوءِ، وَإِنْ عَدِمَ يُسْرَى يَدَيْهِ قُطِعَتْ يُسْرَى رِجْلَيْهِ، وَإِنْ عَدِمَ يُمْنَى يَدَيْهِ لَمْ تُقْطَعْ يُمْنَى رِجْلَيْهِ (وَهَلْ تُقْطَعُ

<<  <  ج: ص:  >  >>