للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جَازَ، وَعَنْهُ: أَنَّهُ يُصَلِّي قَائِمًا وَيَسْجُدُ بِالْأَرْضِ، وَإِنْ وَجَدَ السُّتْرَةَ قَرِيبَةً مِنْهُ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ سَتَرَ وَبَنَى، وَإِنْ كَانَتْ بَعِيدَةً سَتَرَ وَابْتَدَأَ، وَتُصَلِّي الْعُرَاةُ جَمَاعَةً،

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

الْخَطَّابِ، وَصَاحِبُ " الْوَجِيزِ " لِمَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ قَوْمًا انْكَسَرَتْ بِهِمْ مَرْكِبُهُمْ فَخَرَجُوا عُرَاةً، قَالَ: يُصَلُّونَ جُلُوسًا يُومِئُونَ إِيمَاءً بِرُءُوسِهِمْ، وَلَمْ يُنْقَلْ خِلَافُهُ، وَيُومِئُ بِالسُّجُودِ أَكْثَرَ مِنَ الرُّكُوعِ (وَإِنْ صَلَّى قَائِمًا) وَسَجَدَ بِالْأَرْضِ (جَازَ) لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «صَلِّ قَائِمًا، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَقَاعِدًا» وَظَاهِرُهُ أَنَّ صَلَاةَ الْجَالِسِ بِالْإِيمَاءِ أَوْلَى مِنْ صَلَاتِهِ قَائِمًا، لِأَنَّ الْجُلُوسَ فِيهِ سَتْرُ الْعَوْرَةِ، وَهُوَ قَائِمٌ مَقَامَ الْقِيَامِ، وَلَوْ صَلَّى قَائِمًا لَسَقَطَ السَّتْرُ إِلَى غَيْرِ بَدَلٍ، لِأَنَّ السَّتْرَ آكَدُ مِنَ الْقِيَامِ، لِأَنَّهُ يَجِبُ فِي الصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا، وَلَا يَسْقُطُ مَعَ الْقُدْرَةِ بِحَالٍ، وَالْقِيَامُ يَسْقُطُ فِي النَّافِلَةِ، وَلِأَنَّ الْقِيَامَ سَقَطَ عَنْهُمْ لِحِفْظِ الْعَوْرَةِ، وَهِيَ فِي حَالِ السُّجُودِ أَفْحَشُ، فَكَانَ سُقُوطُهُ أَوْلَى، لَا يُقَالُ: السَّتْرُ كُلُّهُ لَا يَحْصُلُ، وَإِنَّمَا يَحْصُلُ بَعْضُهُ، فَلَا يَفِي ذَلِكَ بِتَرْكِ ثَلَاثَةِ أَرْكَانٍ: الْقِيَامُ، وَالرُّكُوعُ، وَالسُّجُودُ، لِأَنَّ الْعَوْرَةَ إِنْ كَانَتِ الْفَرْجَيْنِ فَقَدْ حَصَلَ سَتْرُهُمَا، وَإِلَّا حَصَلَ سَتْرُ أَغْلَظِهَا وَأَفْحَشِهَا، وَعَنْهُ: يُصَلِّي جَالِسًا، وَيَسْجُدُ بِالْأَرْضِ، لِأَنَّ السُّجُودَ آكَدُ مِنَ الْقِيَامِ لِكَوْنِهِ مَقْصُودًا فِي نَفْسِهِ، وَلَا يَسْقُطُ فِيمَا يَسْقُطُ فِيهِ الْقِيَامُ، وَهُوَ النَّفْلُ (وَعَنْهُ:) يَلْزَمُهُ (أَنَّهُ يُصَلِّي قَائِمًا، وَيَسْجُدُ بِالْأَرْضِ) اخْتَارَهُ الْآجُرِّيُّ، وَغَيْرُهُ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ، لِأَنَّ الْمُحَافَظَةَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَرْكَانٍ أَوْلَى مِنَ الْمُحَافَظَةِ عَلَى بَعْضِ شَرْطٍ، وَعَنْهُ: إِنْ قَامَ وَأَوْمَأَ بِالسُّجُودِ صَحَّ، وَقِيلَ: تَقْعُدُ الْجَمَاعَةُ، وَلَا يَقُومُونَ، وَيَسْجُدُونَ بِالْأَرْضِ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا إِعَادَةَ عَلَيْهِ، وَصَرَّحَ بِهِ جَمَاعَةٌ، وَأَلْحَقَهُ الدِّينَوَرِيُّ فِي وُجُوبِ الْإِعَادَةِ بِفَاقِدِ الطَّهُورَيْنِ، وَفِي " الرِّعَايَةِ " أَنَّهُ يُعِيدُ عَلَى الْأَقْيَسِ.

فَرْعٌ: إِذَا نَسِيَ السُّتْرَةَ وَصَلَّى عُرْيَانًا أَعَادَ لِتَفْرِيطِهِ كَالْمَاءِ.

(وَإِنْ وَجَدَ) الْعُرْيَانُ (السُّتْرَةَ قَرِيبَةً مِنْهُ) عُرْفًا، لِأَنَّهُ لَا تَقْدِيرَ فِيهِ (فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ) وَأَمْكَنَهُ مِنْ غَيْرِ زَمَنٍ طَوِيلٍ وَلَا عَمَلٍ كَثِيرٍ (سَتَرَ، وَبَنَى) عَلَى مَا مَضَى مِنْ صَلَاتِهِ، كَأَهْلِ قُبَاءَ لَمَّا عَلِمُوا بِتَحْوِيلِ الْقِبْلَةِ اسْتَدَارُوا إِلَيْهَا وَأَتَمُّوا صَلَاتَهُمْ (وَإِنْ كَانَتْ بَعِيدَةً سَتَرَ، وَابْتَدَأَ) لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ فِعْلُهَا إِلَّا بِمَا يُنَافِيهَا مِنَ الْعَمَلِ الْكَثِيرِ، أَوْ بِدُونِ شَرْطِهَا،

<<  <  ج: ص:  >  >>