للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْحَيَوَانُ يُبْصِرُهُ، وَأَنْ يَكْسِرَ عُنُقَ الْحَيَوَانِ، أَوْ يَسْلُخَهُ حَتَّى يَبْرُدَ. فَإِنْ فَعَلَ أَسَاءَ وَأُكِلَتْ، وَإِذَا ذَبَحَ الْحَيَوَانَ، ثُمَّ غَرِقَ فِي مَاءٍ، أَوْ وَطِئَ عَلَيْهِ شَيْءٌ يَقْتُلُ مِثْلَهُ، فَهَلْ يَحِلُّ؛ عَلَى رِوَايَتَيْنِ. وَإِذَا ذَبَحَ الْكِتَابِيُّ مَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ، كَذِي الظُّفُرِ لَمْ يَحْرُمْ عَلَيْنَا.

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

بِالشَّحْطِ، (وَالذَّبْحُ بِآلَةٍ كَالَّةٍ) لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ الْإِحْسَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ، فَإِذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ، وَإِذَا ذَبَحْتُمْ فَأَحْسِنُوا الذِّبْحَةَ، وَلْيَحُدَّ أَحَدُكُمْ شَفْرَتَهُ، وَلْيُرِحْ ذَبِيحَتَهُ» .

قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ: إِنَّ الْإِحْسَانَ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ، حَتَّى فِي حَالِ إِزْهَاقِ النُّفُوسِ، نَاطِقِهَا وَبَهِيمِهَا، وَلِأَنَّ الذَّبْحَ بِآلَةٍ كَالَّةٍ فِيهِ تَعْذِيبٌ لِلْحَيَوَانِ (وَأَنْ يَحُدَّ السِّكِّينَ، وَالْحَيَوَانُ يُبْصِرُهُ) لِأَنَّ عُمَرَ رَأَى رَجُلًا وَضَعَ رِجْلَهُ عَلَى شَاةٍ، وَهُوَ يَحُدُّ السِّكِّينَ، فَضَرَبَهُ حَتَّى أَفْلَتَ الشَّاةَ، وَيُكْرَهُ ذَبْحُ شَاةٍ، وَالْآخَرُ يَنْظُرُ إِلَيْهِ كَذَلِكَ، (وَأَنْ يَكْسِرَ عُنُقَ الْحَيَوَانِ، أَوْ يَسْلُخَهُ حَتَّى يَبْرُدَ) أَيْ: حَتَّى تَزْهَقَ نَفْسُهُ، لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: لَا «تَعْجَلُوا الْأَنْفُسَ أَنْ تَزْهَقَ» . رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ بِإِسْنَادٍ ضَعِيفٍ. وَعَنْ عُمَرَ مَعْنَاهُ، وَلِأَنَّ فِي ذَلِكَ تَعْذِيبًا لِلْحَيَوَانِ، وَحَرَّمَهُمَا الْقَاضِي وَغَيْرُهُ، نَقَلَ حَنْبَلٌ: لَا يَفْعَلُ، وَفِي التَّرْغِيبِ: يُكْرَهُ قَطْعُ رَأْسِهِ قَبْلَ سَلْخِهِ، وَنَقَلَ حَنْبَلٌ: لَا يَفْعَلُ، وَكَذَا يُكْرَهُ قَطْعُ عُضْوٍ مِنْهُ قَبْلَ الزُّهُوقِ، وَقَالَهُ الْأَكْثَرُ، (فَإِنْ فَعَلَ أَسَاءَ، وَأُكِلَتْ) لِأَنَّ ذَلِكَ حَصَلَ بَعْدَ حِلِّهَا وَذَبْحِهَا، سُئِلَ أَحْمَدُ عَنْ رَجُلٍ ذَبَحَ دَجَاجَةً فَأَبَانَ رَأْسَهَا، فَقَالَ: يَأْكُلُهَا، قِيلَ لَهُ: وَالَّذِي بَانَ مِنْهَا؛ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ الْبُخَارِيُّ: قَالَ ابْنُ عُمَرَ وَابْنُ عَبَّاسٍ: إِذَا قَطَعَ الرَّأْسَ فَلَا بَأْسَ بِهِ، فَلَوْ قَطَعَ مِنْهُ شَيْئًا وَفِيهِ حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ، فَهُوَ مَيْتَةٌ. رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: حَسَنٌ غَرِيبٌ، وَالْعَمَلُ عَلَيْهِ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَلِأَنَّ إِبَاحَتَهُ إِنَّمَا تَحْصُلُ بِالذَّبْحِ، وَلَيْسَ هَذَا بِذَبْحٍ، نَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ: أَكْرَهُ نَفْخَ اللَّحْمِ، قَالَ فِي الْمُغْنِي: الَّذِي لِلْبَيْعِ، لِأَنَّهُ غِشٌّ. (وَإِذَا ذَبَحَ الْحَيَوَانَ ثُمَّ غَرِقَ فِي مَاءٍ أَوْ وَطِئَ عَلَيْهِ شَيْءٌ يَقْتُلُ مِثْلَهُ، فَهَلْ يَحِلُّ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ) .

أَنَصُّهُمَا: لَا يَحِلُّ، وَذَكَرَهُ الْخِرَقِيُّ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، لِأَنَّ ذَلِكَ يُعِينُ عَلَى زُهُوقِ النَّفْسِ، فَيَحْصُلُ مِنْ سَبَبٍ مُبِيحٍ وَمُحَرِّمٍ.

وَالثَّانِيَةُ: بَلَى، قَدَّمَهَا فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>