وَإِنْ ذَبَحَ حَيَوَانًا غَيْرَهُ لَمْ تَحْرُمْ عَلَيْنَا الشُّحُومُ الْمُحَرَّمَةُ عَلَيْهِمْ، وَهُوَ شَحْمُ الثَّرْبِ وَالْكُلْيَتَيْنِ فِي ظَاهِرِ كَلَامِ أَحْمَدَ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ حَامِدٍ، وَحَكَاهُ عَنِ الْخِرَقِيِّ فِي كَلَامٍ مُفْرَدٍ، إلا
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
الرِّعَايَةِ، وَذَكَرَ فِي الْكَافِي وَالشَّرْحِ: أَنَّهَا قَوْلُ أَكْثَرِ أَصْحَابِنَا، وَهِيَ قَوْلُ أَكْثَرِ الْفُقَهَاءِ، لِحُصُولِ ذَبْحِهِ، وَطُرْئَانِ الْأَسْبَابِ الْمَذْكُورَةِ حَصَلَ بَعْدَ الْمَوْتِ بِالذَّبْحِ، فَلَمْ يُؤَثِّرْ مَا أَصَابَهُ، لِحُصُولِهِ بَعْدَ الْحُكْمِ بِحِلِّهِ، (وَإِذَا ذَبَحَ الْكِتَابِيُّ مَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ كَذِي الظُّفُرِ) مِنَ الْإِبِلِ وَنَحْوِهَا، (لَمْ يَحْرُمْ عَلَيْنَا) فِي ظَاهِرِ كَلَامِ أَحْمَدَ، قَالَ ابْنُ حَمْدَانَ: وَهُوَ أَظْهَرُ، لِأَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الذَّكَاةِ، وَذَبْحُ مَا يَحِلُّ لَنَا أَشْبَهَ الْمُسْلِمَ، وَقُدِّمَ فِي الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَةِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ: أَنَّهُ يَحْرُمُ، وَقِيلَ: لَا، كَظَنِّهِ تَحْرِيمَهُ عَلَيْهِ، فَلَمْ يَكُنْ، ذَكَرَ أَبُو الْحُسَيْنِ: أَنَّ الْخِلَافَ فِي ذِي الظُّفُرِ كَالْخِلَافِ فِي تَحْرِيمِ الشُّحُومِ الْمُحَرَّمَةِ عَلَيْهِمْ، وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهَا تَحِلُّ ذَبِيحَتُنَا لَهُمْ مَعَ اعْتِقَادِهِمْ تَحْرِيمَهَا، لِأَنَّ الْحُكْمَ لِاعْتِقَادِنَا.
مَسْأَلَةٌ: ذُو الظُّفُرِ مَا لَيْسَ بِمُنْفَرِجِ الْأَصَابِعِ، كَإِبِلٍ وَنَعَامٍ وَبَطٍّ وَوَزٍّ، قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَجُمِعَ، وَقِيلَ: هِيَ الْإِبِلُ خَاصَّةً، وَعِنْدَ ابْنِ قُتَيْبَةَ: هِيَ كُلُّ ذِي حَافِرٍ مِنَ الدَّوَابِّ، وَمِخْلَبٍ مِنَ الطَّيْرِ، (وَإِنْ ذَبَحَ) أَيِ: الْكِتَابِيُّ، (حَيَوَانًا غَيْرَهُ) أَيْ: مَا يَحِلُّ لَهُ، (لَمْ تَحْرُمْ عَلَيْنَا الشُّحُومُ الْمُحَرَّمَةُ عَلَيْهِمْ، وَهُوَ شَحْمُ الثَّرْبِ) وَهُوَ بِوَزْنِ فَلْسٍ، يُغْشِي الْكِرْشَ وَالْأَمْعَاءَ رَقِيقٌ، (وَالْكُلْيَتَيْنِ) وَاحِدُهَا كُلْيَةٌ وَكُلْوَةٌ، بِضَمِّ الْكَافِ فِيهَا، وَالْجَمْعُ: كُلْيَاتٌ وَكُلًى، (فِي ظَاهِرِ كَلَامِ أَحْمَدَ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ حَامِدٍ) وَأَبُو الْخَطَّابِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ (وَحَكَاهُ عَنِ الْخِرَقِيِّ فِي كَلَامٍ مُفْرَدٍ) لِمَا «رَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُغَفَّلٍ، قَالَ: أَصَبْتُ مِنْ شَحْمِ يَوْمِ خَيْبَرَ فَالْتَزَمْتُهُ، فَقُلْتُ: لَا أُعْطِي الْيَوْمَ أَحَدًا شَيْئًا، فَالْتَفَتُّ فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُتَبَسِّمًا» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَلِأَنَّهَا ذَكَاةٌ أَبَاحَتِ اللَّحْمَ فَأَبَاحَتِ الشَّحْمَ، كَذَكَاةِ الْمُسْلِمِ، وَكَذَبْحِ حَنَفِيٍّ حَيَوَانًا فَتَبَيَّنَ حَامِلًا وَنَحْوَهُ، وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَى الْيَهُودِ شَحْمُ الثَّرْبِ وَالْكُلْيَةِ مِنْ بَقَرٍ وَغَنَمٍ، نَصَّ عَلَيْهِ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُمَا} [الأنعام: ١٤٦] أَيْ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute