للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِسَهْمٍ مَسْمُومٍ، لَمْ يُبَحْ إِذَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّ السُّمَّ أَعَانَ عَلَى قَتْلِهِ. وَلَوْ رَمَاهُ فَوَقَعَ فِي مَاءٍ، أَوْ تَرَدَّى مِنْ جَبَلٍ، أَوْ وَطِئَ عَلَيْهِ شَيْءٌ فَقَتَلَهُ، لَمْ يَحِلَّ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْجُرْحُ مُوحِيًا كَالذَّكَاةِ، فَهَلْ يَحِلُّ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ. وَإِنْ رَمَاهُ فِي الْهَوَاءِ فَوَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ،

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

رَمَى سَهْمًا وَهُوَ لَا يَرَى صَيْدًا، فَلَيْسَ ذَلِكَ بِمُعْتَادٍ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُصِيبُ صَيْدًا فَلَمْ يَصِحَّ قَصْدُهُ بِخِلَافِ هَذَا، وَقِيلَ: يَحِلُّ مُطْلَقًا، فَإِنْ بَانَ مِنْهُ عُضْوٌ، فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْبَائِنِ بِضَرْبَةِ الصَّائِدِ، وَحَيْثُ حَلَّ فَظَاهِرُهُ يَحِلُّ، وَلَوِ ارْتَدَّ أَوْ مَاتَ، (وَإِنْ قَتَلَ بِسَهْمٍ مَسْمُومٍ، لَمْ يُبَحْ إِذَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّ السُّمَّ أَعَانَ عَلَى قَتْلِهِ) كَذَا عَبَّرَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ، لِأَنَّهُ اجْتَمَعَ مُبِيحٌ وَمُحَرِّمٌ، فَغُلِّبَ الْمُحَرَّمُ، وَكَسَهْمَيْ مُسْلِمٍ وَمَجُوسِيٍّ، وَلِأَنَّهُ يُخَافُ مِنْ ضَرَرِ السُّمِّ، فَعَلَى هَذَا: إِنْ لَمْ يَغْلِبْ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّ السُّمَّ أَعَانَ عَلَى قَتْلِهِ فَهُوَ مُبَاحٌ، وَفِي الْكَافِي وَغَيْرِهِ: إِذَا اجْتَمَعَ فِي الصَّيْدِ مُبِيحٌ وَمُحَرِّمٌ، مِثْلَ أَنْ يَقْتُلَهُ بِمُثَقِّلٍ وَمُحَدَّدٍ، أَوْ بِسَهْمٍ مَسْمُومٍ وَغَيْرِهِ، إِلَى آخِرِهِ، لَمْ يُبَحْ، لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «وَإِنْ وَجَدْتَ مَعَهُ غَيْرَهُ فَلَا تَأْكُلْ.» وَبِأَنَّ الْأَصْلَ الْحَظْرُ، فَإِذَا شَكَكْنَا فِي الْمُبِيحِ رُدَّ إِلَى أَصْلِهِ، وَنَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ: إِذَا عَلِمَ أَنَّهُ أَعَانَ لَمْ يَأْكُلْ، قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَلَيْسَ هَذَا فِي كَلَامِ أَحْمَدَ بِمُرَادٍ، وَفِي الْفُصُولِ: إِذَا رُمِيَ بِسَهْمٍ مَسْمُومٍ لَمْ يُبَحْ، لَعَلَّ السُّمَّ أَعَانَ عَلَيْهِ، فَهُوَ كَمَا لَوْ شَارَكَ السَّهْمَ تَغْرِيقٌ بِالْمَاءِ، (وَلَوْ رَمَاهُ فَوَقَعَ فِي مَاءٍ، أَوْ تَرَدَّى مِنْ جَبَلٍ، أَوْ وَطِئَ عَلَيْهِ شَيْءٌ فَقَتَلَهُ لَمْ يَحِلَّ) لِأَنَّهُ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ مَوْتُهُ بِالْمُشَارِكِ، (إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْجُرْحُ مُوحِيًا كَالذَّكَاةِ، فَهَلْ يَحِلُّ؛ عَلَى رِوَايَتَيْنِ) كَذَا فِي الْمُحَرَّرِ، أَشْهَرُهُمَا، وَاخْتَارَهَا الْخِرَقِيُّ: أَنَّهُ يَحْرُمُ، لِأَنَّهُ اجْتَمَعَ مُبِيحٌ وَمُحَرِّمٌ، أَشْبَهَ الْمُتَوَلِّدَ بَيْنَ مَأْكُولٍ وَغَيْرِهِ، وَالثَّانِيَةُ: يَحِلُّ، وَجَزَمَ بِهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ، لِأَنَّهُ قَدْ صَارَ فِي حُكْمِ الْمَيِّتِ بِالذَّبْحِ، وَجَوَابُهُ: قَوْلُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: فَإِنْ «وَجَدْتَهُ غَرِيقًا فِي الْمَاءِ فَلَا» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَهَذَا ظَاهِرُ قَوْلِ ابْنِ مَسْعُودٍ، رَوَاهُ سَعِيدٌ، وَإِسْنَادُهُ ثِقَاتٌ، وَلَا خِلَافَ في تحريمه إِذَا كَانَتْ الجراح غير مُوحِيَة، وَيُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ مَا لَوْ وَقَعَ فِي الْمَاءِ عَلَى وَجْهٍ لَا يَقْتُلُهُ: مِثْلَ أَنْ يَكُونَ رَأْسُهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>