فَمَاتَ، حَلَّ. وَإِنْ رَمَى صَيْدًا فَغَابَ عَنْهُ، ثُمَّ وَجَدَهُ مَيِّتًا لَا أَثَرَ بِهِ غَيْرَ سَهْمِهِ، حَلَّ، وَعَنْهُ: إِنْ كَانَتِ الْجِرَاحُ مُوحِيَةً حَلَّ، وَإِلَّا فَلَا، وَعَنْهُ: إِنْ وَجَدَهُ فِي يَوْمِهِ حَلَّ، وَإِلَّا
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
خَارِجًا مِنَ الْمَاءِ، أَوْ يَكُونَ مِنْ طَيْرِ الْمَاءِ الَّذِي لَا يَقْتُلُهُ الْمَاءُ، أَوْ كَانَ التَّرَدِّي لَا يَقْتُلُ مِثْلَ ذَلِكَ الْحَيَوَانِ، فَلَا خِلَافَ فِي إِبَاحَتِهِ، لِأَنَّ التَّرَدِّيَ وَالْوُقُوعَ إِنَّمَا حَرَّمَ خَشْيَةَ أَنْ يَكُونَ قَاتِلًا، أَوْ مُعِينًا عَلَى الْقَتْلِ، وَهَذَا مُنْتَفٍ هُنَا، (وَإِنْ رَمَاهُ فِي الْهَوَاءِ) أَوْ عَلَى شَجَرَةٍ أَوْ جَبَلٍ، وَلَوْ عَبَّرَ بِالْعُلُوِّ لَعَمَّ، (فَوَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ فَمَاتَ، حَلَّ) لِأَنَّ الظَّاهِرَ زُهُوقُ رُوحِهِ بِالرَّمْيِ، لَا بِالْوُقُوعِ، وَعَنْهُ: يَحِلُّ بِجَرْحٍ مُوحٍ، جَزَمَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالْمُتَرَدِّيَةُ} [المائدة: ٣] ، وَجَوَابُهُ: أَنَّ سُقُوطَهُ لَا يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ، فَوَجَبَ أَنْ يَحِلَّ، كَمَا لَوْ أَصَابَهُ فَوَقَعَ عَلَى جَنْبِهِ، وَالْمَاءُ يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ، بِخِلَافِ الْأَرْضِ، (وَإِنْ رَمَى صَيْدًا فَغَابَ عَنْهُ، ثُمَّ وَجَدَهُ مَيِّتًا لَا أَثَرَ بِهِ غَيْرَ سَهْمِهِ، حَلَّ) فِي الْأَشْهَرِ عَنْ أَحْمَدَ، وَهُوَ الْأَصَحُّ، لِحَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ أَنَّ «رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَفْتِنِي فِي سَهْمِي، قَالَ: مَا رَدَّ عَلَيْكَ سَهْمُكَ فَكُلْ. قَالَ: فَإِنْ تَغَيَّبَ عَنِّي، قَالَ: وَإِنْ تَغَيَّبَ عَنْكَ مَا لَمْ تَجِدْ فِيهِ غَيْرَ سَهْمِكَ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ. وَلِأَنَّ جَرْحَهُ بِسَهْمِهِ سَبَبُ إِبَاحَتِهِ، وَقَدْ وُجِدَ يَقِينًا، وَالْمُعَارِضُ لَهُ مَشْكُوكٌ فِيهِ، وَكَمَا لَوْ وَجَدَهُ بِفَمِ كَلْبِهِ، أَوْ وَهُوَ يَعْبَثُ بِهِ، أَوْ سَهْمَهُ فِيهِ، وَلَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ الْجِرَاحَةُ مُوحِيَةً أَوْ لَا، وَجَدَهُ مَيِّتًا فِي يَوْمِهِ أَوْ فِي غَيْرِهِ، لَكِنْ لَوْ غَابَ قَبْلَ تَحَقُّقِ الْإِصَابَةِ، ثُمَّ وَجَدَهُ عَقِيرًا وَحْدَهُ وَالسَّهْمَ وَالْكَلْبَ نَاحِيَةً، لَمْ يُبَحْ، (وَعَنْهُ: إِنْ كَانَتِ الْجِرَاحُ مُوحِيَةً حَلَّ) لِأَنَّهُ إِذَا كَانَ كَذَلِكَ ظَهَرَ إِسْنَادُ الزُّهُوقِ إِلَيْهِ، (وَإِلَّا فَلَا) أَيْ: إِذَا لَمْ يَكُنْ مُوحِيًا لَمْ يَظْهَرْ إِسْنَادُ الزُّهُوقِ إِلَيْهِ، (وَعَنْهُ: إِنْ وَجَدَهُ فِي يَوْمِهِ حَلَّ، وَإِلَّا فَلَا) لِمَا رَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ، قَالَ: إِذَا رَمَيْتَ فَأَقْعَصْتَ فَكُلْ، وَإِنْ رَمَيْتَ فَوَجَدْتَ فِيهِ سَهْمَكَ مِنْ يَوْمِكَ أَوْ لَيْلَتِكَ فَكُلْ، وَإِنْ غَابَ عَنْكَ فَلَا تَأْكُلْ، لِأَنَّكَ لَا تَدْرِي مَا حَدَثَ بَعْدَكَ. لَا يُقَالُ: الْأَوَّلُ مُطْلَقٌ، وَهَذَا مُقَيَّدٌ، فَيُحْمَلُ عَلَيْهِ، لِأَنَّهُ مُتَبَيِّنٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute