فَلَا. وَإِنْ وَجَدَ بِهِ غَيْرَ أَثَرِ سَهْمِهِ مِمَّا يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ أَعَانَ عَلَى قَتْلِهِ لَمْ يُبَحْ، وَإِنْ ضَرَبَهُ فَأَبَانَ مِنْهُ عُضْوًا، وَبَقِيَتْ فِيهِ حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ، لَمْ يُبَحْ مَا أَبَانَ مِنْهُ، وَإِنْ بَقِيَ مُعَلَّقًا بِجِلْده حَلَّ، وَإِنْ أَبَانَهُ وَمَاتَ فِي الْحَالِ، حَلَّ الْجَمِيعُ، وَعَنْهُ: لَا يُبَاحُ مَا أَبَانَ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
لَهُ، وَقَدْ جَاءَ مُصَرَّحًا بِهِ، فِي حَدِيثِ عَدِيٍّ مَرْفُوعًا، قَالَ: «إِذَا رَمَيْتَ الصَّيْدَ فَوَجَدْتَهُ بَعْدَ يَوْمَيْنِ، لَيْسَ فِيهِ إِلَّا أَثَرُ سَهْمِكَ، فَكُلْ» . وَعَنْهُ: إِنْ غَابَ مُدَّةً قَرِيبَةً حَلَّ، وَإِلَّا فَلَا، وَنَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ: إِنْ غَابَ نَهَارًا حَلَّ، لَا لَيْلًا، قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ: لِأَنَّ الْغَالِبَ مِنْ حَالِ اللَّيْلِ تَخَطُّفُ الْهَوَامِّ. وَعَنْهُ: يُكْرَهُ أَكْلُ مَا غَابَ، (وَإِنْ وَجَدَ بِهِ غَيْرَ أَثَرِ سَهْمِهِ، مِمَّا يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ أَعَانَ عَلَى قَتْلِهِ، لَمْ يُبَحْ) نَصَّ عَلَيْهِ لِلْأَخْبَارِ، وَكَمَا لَوْ وَجَدَ مَعَ كَلْبِهِ كَلْبًا سِوَاهُ، وَلَمْ يَعْتَبِرُوا هُنَا بِالظَّنِّ، كَالسَّهْمِ الْمَسْمُومِ، قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَتَتَوَجَّهُ التَّسْوِيَةُ لِعَدَمِ الْفَرْقِ، وَأَنَّ الْمُرَادَ بِالظَّنِّ الِاحْتِمَالُ، فَأَمَّا إِنْ كَانَ الْأَثَرُ مِمَّا لَا يَقْتُلُ مِثْلَهُ، فَهُوَ مُبَاحٌ، لِأَنَّ هَذَا يُعْلَمُ أَنَّهُ لَمْ يَقْتُلْهُ.
فَرْعٌ: إِذَا غَابَ قَبْلَ عَقْرِهِ، ثُمَّ وَجَدَ سَهْمَهُ أَوْ كَلْبَهُ عَلَيْهِ، فَفِي الْمُنْتَخَبِ وَالْمُغْنِي: إِنَّهُ حَلَالٌ، وَعَنْهُ: يَحْرُمُ كَمَا لَوْ وَجَدَ سَهْمَهُ أَوْ كَلْبَهُ نَاحِيَتَهُ، وَظَاهِرُ رِوَايَةِ الْأَثْرَمِ وَحَنْبَلٍ حِلُّهُ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ، (وَإِنْ ضَرَبَهُ فَأَبَانَ مِنْهُ عُضْوًا وَبَقِيَتْ فِيهِ حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ، لَمْ يُبَحْ مَا أَبَانَ مِنْهُ) هَذَا الْمَذْهَبُ، لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «مَا أُبِينَ مِنْ حَيٍّ فَهُوَ مَيِّتٌ» . وَعَنْهُ: إِنْ ذُكِّيَ حَلَّ الْبَائِنُ، وَإِنْ كَثُرَ كَبَقِيَّتِهِ، وَإِنْ قَطَعَهُ قِطْعَتَيْنِ، أَوْ قَطَعَ رَأْسَهُ، حَلَّ الْجَمِيعُ، فَإِنْ لَمْ تَبْقَ فِيهِ حَيَاةٌ مُعْتَبَرَةٌ فَرِوَايَتَانِ، أَشْهَرُهُمَا: إِبَاحَتُهُمَا، رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ، وَالثَّانِيَةُ: لَا يُبَاحُ مَا أَبَانَ مِنْهُ، لِعُمُومِ الْخَبَرِ، وَالْأَوَّلُ الْمَذْهَبُ، لِأَنَّ مَا كَانَ ذَكَاةً لِبَعْضِهِ كَانَ ذَكَاةً لِجَمِيعِهِ، كَمَا لَوْ قَدَّهُ نِصْفَيْنِ، وَالْخَبَرُ يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ الْبَاقِي حَيًّا حَتَّى يَكُونَ الْمُنْفَصِلُ مِنْهُ مَيِّتًا.
(وَإِنْ بَقِيَ مُعَلَّقًا بِجِلْدِهِ حَلَّ) رِوَايَةٌ وَاحِدَةٌ، لِأَنَّهُ لَمْ يَبِنْ، (وَإِنْ أَبَانَهُ وَمَاتَ فِي الْحَالِ، حَلَّ الْجَمِيعُ) عَلَى الْمَشْهُورِ، كَمَا لَوْ قَطَعَهُ قِطْعَتَيْنِ، (وَعَنْهُ: لَا يُبَاحُ مَا أَبَانَ مِنْهُ) لِلْخَبَرِ، وَلِأَنَّ مَا أُبِينَ مِنْهُ لَا يَمْنَعُ بَقَاءَ الْحَيَاةِ فِي الْعَادَةِ، فَلَمْ يُبَحْ كَمَا لَوْ أَدْرَكَهُ الصَّيَّادُ وَفِيهِ حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ، وَجَوَابُهُ سَبَقَ، بِدَلِيلِ الْمَذْبُوحِ، فَإِنَّهُ رُبَّمَا بَقِيَ سَاعَةً، وَرُبَّمَا مَشَى حَتَّى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute