للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَهَبُ زَيْدًا شَيْئًا وَلَا يُوصِي لَهُ وَلَا يَتَصَدَّقُ عَلَيْهِ فَفَعَلَ وَلَمْ يَقْبَلْ زَيْدٌ حَنِثَ، وَإِنْ حَلَفَ: لَا يَتَصَدَّقُ عَلَيْهِ، فَوَهَبَهُ لَمْ يَحْنَثْ. وَإِنْ حَلَفَ لَا يَهَبُهُ فَتَصَدَّقَ عَلَيْهِ حَنِثَ، وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: لَا يَحْنَثُ، وَإِنْ أَعَارَهُ لَمْ يَحْنَثْ إِلَّا عِنْدَ أَبِي الْخَطَّابِ، وَإِنْ وَقَفَ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

الْخَطَّابِ، وَأَمَّا الطَّوَافُ فَقَالَ الْمَجْدُ: لَيْسَ صَلَاةً مُطْلَقَةً وَلَا مُضَافَةً، لَكِنْ فِي كَلَامِ أَحْمَدَ إِنَّهُ صَلَاةٌ، وَقَالَ أَبُو الْحُسَيْنِ وَغَيْرُهُ فِي الْحَدِيثِ: الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ مِثْلَ الصَّلَاةِ فِي الْأَحْكَامِ كُلِّهَا، إِلَّا فِيمَا اسْتَثْنَاهُ، وَهُوَ النُّطْقُ، وَلَمْ يَذْكُرِ الْمُؤَلِّفُ حُكْمَ الْحَجِّ، وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إِذَا حَلَفَ لَا يَحُجُّ حَنِثَ بِإِحْرَامِهِ بِهِ، وَقِيلَ: بِفَرَاغِ أَرْكَانِهِ، وَيَحْنَثُ بِحَجٍّ فَاسِدٍ، وَإِنْ كَانَ مُحْرِمًا فَدَامَ فَوَجْهَانِ (وَإِنْ حَلَفَ لَا يُصَلِّي حَنِثَ بِالتَّكْبِيرِ) هَذَا قَوْلُ الْقَاضِي، لِأَنَّهُ يَدْخُلُ فِي الصَّلَاةِ بِذَلِكَ، وَيُطْلَقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ مُصَلٍّ، فَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ مَا هُوَ فِيهِ صَلَاةً، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ، لِأَنَّ مَا ذُكِرَ ثَانِيًا مَوْجُودٌ فِيمَنْ شَرَعَ (وَإِنْ حَلَفَ لَا يَهَبُ زَيْدًا شَيْئًا، وَلَا يُوصِي لَهُ، وَلَا يَتَصَدَّقُ عَلَيْهِ) وَلَا يُعِيرُهُ، وَلَا يُهْدِي لَهُ (فَفَعَلَ وَلَمْ يَقْبَلْ زَيْدٌ، حَنِثَ) ذَكَرَهُ الْأَصْحَابُ، وَقَالَهُ ابْنُ شُرَيْحٍ: لِأَنَّ ذَلِكَ لَا عِوَضَ لَهُ، فَيَحْنَثُ بِالْإِيجَابِ فَقَطْ، كَالْوَصِيَّةِ، وَفِي الْمُوجَزِ وَالتَّبْصِرَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ مِثْلُهُ فِي بَيْعٍ، وَقَالَهُ الْقَاضِي فِي: إِنْ بِعْتُكَ فَأَنْتَ حُرٌّ، وَلِأَنَّ الِاسْمَ يَقَعُ عَلَيْهَا بِدُونِ الْقَبُولِ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ} [البقرة: ١٨٠] ، أَرَادَ الْإِيجَابَ، لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ تَصِحُّ قَبْلَ مَوْتِ الْمُوصِي، وَلَا قَبُولَ لَهَا حِينَئِذٍ.

فَرْعٌ: إِذَا نَذَرَ أَنْ يَهَبَهُ شَيْئًا بَرَّ بِالْإِيجَابِ كَيَمِينِهِ، وَقَدْ يُقَالُ: يُحْمَلُ عَلَى الْكَمَالِ، ذَكَرَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ.

(وَإِنْ حَلَفَ: لَا يَتَصَدَّقُ عَلَيْهِ فَوَهَبَهُ، لَمْ يَحْنَثْ) فِي الْأَصَحِّ، لِأَنَّ الصَّدَقَةَ نَوْعٌ مِنَ الْهِبَةِ، وَلَا يَحْلِفُ الْحَالِفُ عَلَى نَوْعٍ بِفِعْلِ نَوْعٍ آخَرَ، وَلَا يَثْبُتُ لِلْجِنْسِ حُكْمُ النَّوْعِ، وَلِهَذَا حُرِّمَتِ الصَّدَقَةُ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَلَمْ تُحَرَّمِ الْهِبَةُ، وَلَا الْهَدِيَّةُ، لِحَدِيثِ بَرِيرَةَ، وَقِيلَ: يَحْنَثُ، لِمَا ذَكَرْنَاهُ (وَإِنْ حَلَفَ: لَا يَهَبُهُ فَتَصَدَّقَ عَلَيْهِ، حَنِثَ) لِأَنَّهُ مِنْ أَنْوَاعِ الْهِبَةِ، كَمَا لَوْ أَهْدَى إِلَيْهِ، أَوْ أَعْمَرَهُ، فَإِنْ أَعْطَاهُ مِنْ صَدَقَةٍ وَاجِبَةٍ أَوْ نَذْرٍ أَوْ كَفَّارَةٍ لَمْ يَحْنَثْ، لِأَنَّ ذَلِكَ حَقٌّ لِلَّهِ يجب إخراجه، فَلَيْسَ هُوَ هِبَةً مِنْهُ، فَإِنْ تَصَدَّقَ عَلَيْهِ تَطَوُّعًا حَنِثَ، لَمْ يَذْكُرِ ابْنُ هُبَيْرَةَ عَنْ أَحْمَدَ غَيْرَهُ (وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: لَا يَحْنَثُ) هَذَا رِوَايَةٌ، لِأَنَّهُمَا يَخْتَلِفَانِ

<<  <  ج: ص:  >  >>