أَوْ سَبَجًا لَمْ يَحْنَثْ، وَإِنْ لَبِسَ الدَّرَاهِمَ وَالدَّنَانِيرَ فِي مُرْسَلَةٍ فَعَلَى وَجْهَيْنِ، وَإِنْ حَلَفَ لَا يَرْكَبُ دَابَّةَ فُلَانٍ، أَوْ لَا يَلْبَسُ ثَوْبَهُ، أَوْ لَا يَدْخُلُ دَارَهُ، فَرَكِبَ دَابَّةَ عَبْدِهِ،
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
بَيْنَ الْخِنْصَرِ وَغَيْرِهِ إِلَّا مِنْ حَيْثُ الِاصْطِلَاحُ عَلَى تَخْصِيصِهِ بِالْخِنْصَرِ، وَكَمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَلْبَسُ قَلَنْسُوَةً، فَجَعَلَهَا فِي رِجْلِهِ، وَجَوَابُهُ: بِأَنَّهُ عَيْبٌ وَمَشَقَّةٌ بِخِلَافِهِ هُنَا.
١ -
(وَإِنْ حَلَفَ لَا يَرْكَبُ دَابَّةَ فُلَانٍ، أَوْ لَا يَلْبَسُ ثَوْبَهُ، أَوْ لَا يَدْخُلُ دَارَهُ، فَرَكِبَ دَابَّةَ عَبْدِهِ، وَلَبِسَ ثَوْبَهُ، وَدَخَلَ دَارَهُ، أَوْ فَعَلَ ذَلِكَ فِيمَا اسْتَأْجَرَهُ، فَلَا حِنْثَ) نَقُولُ إِذَا حَلَفَ لَا يَدْخُلُ دَارَ زَيْدٍ، فَدَخَلَ دَارَ عَبْدِهِ، حَنِثَ بِغَيْرِ خِلَافٍ نَعْلَمُهُ، لِأَنَّ دَارَ الْعَبْدِ مِلْكٌ لِلسَّيِّدِ، وَالثَّوْبُ وَالدَّابَّةُ كَالدَّارِ، لِأَنَّهُمَا مَمْلُوكَانِ للسيد فَيَتَنَاوَلُهُمَا يَمِينُ الْحَالِفِ، وَأَمَّا كَوْنُهُ يَحْنَثُ إِذَا فَعَلَ ذَلِكَ فِيمَا اسْتَأْجَرَهُ فُلَانٌ لِأَنَّ الدَّارَ تُضَافُ إِلَى سَاكِنِهَا كَإِضَافَتِهَا إِلَى مَالِكِهَا، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ} [الطلاق: ١] {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ} [الأحزاب: ٣٣] ، وَلِأَنَّ الْإِضَافَةَ لِلِاخْتِصَاصِ، وَلِأَنَّ سَاكِنَ الدَّارِ مُخْتَصٌّ بِهَا، فَكَانَتْ إِضَافَتُهَا إِلَيْهِ صَحِيحَةً، وَهِيَ مُسْتَعْمَلَةٌ فِي الْعُرْفِ، وَأَمَّا الْإِقْرَارُ كَمَا لَوْ قَالَ: هَذِهِ دَارُ زَيْدٍ، وَفَسَّرَ إِقْرَارَهُ بِسُكْنَاهَا، احْتُمِلَ أَنْ يُقْبَلَ تَفْسِيرُهُ، وَلَوْ سَلَّمَ بِقَرِينَةِ الْإِقْرَارِ يَصْرِفُهُ إِلَى الْمِلْكِ، وَلَوْ حَلَفَ: لَا دَخَلْتُ مَسْكَنَ زَيْدٍ، حَنِثَ بِدُخُولِهِ الدَّارَ الَّتِي يَسْكُنُهَا، وَلَوْ قَالَ: هَذَا السَّكَنُ لِزَيْدٍ كَانَ مُقِرًّا لَهُ بِهَا (وَإِنْ رَكِبَ دَابَّةً اسْتَعَارَهَا فُلَانٌ) أَوْ غَصَبَهَا (لَمْ يَحْنَثْ) لِأَنَّ فُلَانًا لَا يَمْلِكُ مَنَافِعَ الدَّابَّةِ، وَفَارَقَ مَسْأَلَةَ الدَّارِ، فَإِنَّهُ لَمْ يَحْنَثْ فِي الدَّارِ، لِكَوْنِهِ اسْتَعَارَهَا أَوْ غَصَبَهَا، وَإِنَّمَا يَحْنَثُ لِسُكْنَاهُ بِهَا، فَأُضِيفَتْ إِلَيْهِ، وَلَوْ غَصَبَهَا أَوِ اسْتَعَارَهَا مِنْ غَيْرِ أَنْ يَسْكُنَهَا لَمْ تَصِحَّ إِضَافَتُهَا إِلَيْهِ، وَعَنْهُ: يَحْنَثُ بِدُخُولِ الدَّارِ الْمُسْتَعَارَةِ، وَذَكَرَهُ ابْنُ عَقِيلٍ فِي الْفُصُولِ، لِوُجُودِ شَرْطِهِ، وَفِي الرِّعَايَةِ: وإِنْ قَالَ: لَا أَسْكُنُ مَسْكَنَهُ، فَفِيمَا لَا يَسْكُنُهُ زَيْدٌ مِنْ مِلْكِهِ، وَمَا يَسْكُنُهُ بِغَصْبٍ وَجْهَانِ، وَفِي التَّرْغِيبِ الْأَقْوَى: إِنْ كَانَ سَكَنَهُ مَرَّةً حَنِثَ، وَإِنْ قَالَ: مَلَكَهُ، فَفِيمَا اسْتَأْجَرَهُ خِلَافٌ فِي الِانْتِصَارِ.
(وَإِنْ حَلَفَ لَا يَرْكَبُ دَابَّةَ عَبْدِهِ فَرَكِبَ دَابَّةً جُعِلَتْ بِرَسْمِهِ حَنِثَ) لِأَنَّهُ مُخْتَصٌّ بِهَا حِينَئِذٍ، كَحَلِفِهِ لَا يَرْكَبُ رَحْلَ هَذِهِ الدَّابَّةِ، وَلَا يَبِيعُهُ (وَإِنْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ دَارًا فَدَخَلَ سَطْحَهَا حَنِثَ) لِأَنَّهُ مِنَ الدَّارِ، وَحُكْمُهُ حُكْمُهَا، بِدَلِيلِ صِحَّةِ الِاعْتِكَافِ فِيهِ، وَمَنْعِ الْجُنُبِ مِنَ اللُّبْثِ فِيهِ، فَوَجَبَ أَنْ يَحْنَثَ إِذَا دَخَلَهُ، كَمَا لَوْ دَخَلَ الدَّارَ نَفْسَهَا، وَإِنْ حَلَفَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute