الْمُدَّعِي حَبْسَ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ حَتَّى يُزَكِّيَ شُهُودَهُ، فَهَلْ يُحْبَسُ؛ عَلَى وَجْهَيْنِ.
وَإِنْ أَقَامَ شَاهِدًا، وَسَأَلَهُ حَبْسَهُ حَتَّى يُقِيمَ الْآخَرَ حَبَسَهُ إِنْ كَانَ فِي الْمَالِ، وَإِنْ كَانَ فِي غَيْرِهِ فَعَلَى وَجْهَيْنِ. وَإِنْ حَاكَمَ إِلَيْهِ مَنْ لَا يَعْرِفُ لِسَانَهُ تَرْجَمَ لَهُ مَنْ يَعْرِفُ لِسَانَهُ، وَلَا
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
الْحَالَ كَمَا فَعَلَ عُمَرُ فَحَسَنٌ. (وَإِنْ عَدَلَهُ اثْنَانِ، وَجَرَحَهُ اثْنَانِ، فَالْجَرْحُ أَوْلَى) فِي قَوْلِ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ؛ لِأَنَّ الْجَارِحَ يُخْبِرُ بِأَمْرٍ بَاطِنٍ خَفِيَ عَلَى الْمُعَدِّلِ، وَشَاهِدُ الْعَدَالَةِ يُخْبِرُ عَنْ أَمْرٍ ظَاهِرٍ، وَلِأَنَّ الْجَارِحَ مُثْبِتٌ وَالْمُعَدِّلَ نَافٍ، وَكَذَا إِنْ زَادَ عَدَدُ الْمُعَدِّلِ عَلَى ذَلِكَ. فَإِنْ عَدَّلَهُ اثْنَانِ وَجَرَحَهُ وَاحِدٌ وَقَبِلْنَا جَرْحَهُ قُدِّمَ التَّعْدِيلُ، ذَكَرَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالرِّعَايَةِ، وَعَلَّلَهُ فِي الْكَافِي بِأَنَّ بَيِّنَةَ الْجَرْحِ لَمْ تَكْمُلْ. وَإِنْ جَرَحَهُ اثْنَانِ قُدِّمَا إِذَا بَيَّنَا سَبَبَ جَرْحِهِ، فَإِنْ أَخْبَرَ أَحَدُهُمَا: بِتَعْدِيلِهِ، وَالْآخَرُ: بِجَرْحِهِ، بَعَثَ آخَرَيْنِ، فَإِنْ أَخْبَرَا بِجَرْحِهِ رُدَّتْ شَهَادَتُهُ، وَإِنْ لَمْ يَبْعَثْ أَحَدًا. قُدِّمَ الْجَرْحُ. فَرْعٌ: إِذَا عَصَى فِي بَلَدِهِ فَانْتَقَلَ عَنْهُ، فَجَرَحَهُ اثْنَانِ فِي بَلَدِهِ، وَزَكَّاهُ اثْنَانِ فِي الْبَلَدِ الَّذِي انْتَقَلَ إِلَيْهِ، قَدَّمَ التَّزْكِيَةَ. وَيَكْفِي فِيهَا الظَّنُّ، بِخِلَافِ الْجَرْحِ. (وَإِنْ سَأَلَ الْمُدَّعِي حَبْسَ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ حَتَّى يُزَكِّيَ شُهُودَهُ، فَهَلْ يُحْبَسُ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ) .
أَشْهُرُهُمَا: أَنَّهُ يُحْبَسُ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَزَادَ: لِمُدَّةِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، لِأَنَّ الظَّاهِرَ الْعَدَالَةُ، وَيُحْبَسُ حَتَّى يَفْعَلَ ذَلِكَ.
وَالثَّانِي: لَا يُجِيبُهُ إِلَى ذَلِكَ ; لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ. وَقِيلَ: يُحْبَسُ فِي الْمَالِ وَنَحْوِهِ فَقَطْ. وَكَذَا الْخِلَافُ لَوْ سَأَلَ كَفِيلًا بِهِ في غير حَدّ، أَوْ جَعَلَ عَيْنَ مُدَّعَاهُ فِي يَدِ عَدْلٍ قَبْلَ التَّزْكِيَةِ. (وَإِنْ أَقَامَ شَاهِدًا، وَسَأَلَ حَبْسَهُ حَتَّى يُقِيمَ الْآخَرَ حَبَسَهُ، إِنْ كَانَ فِي الْمَالِ) جَزَمَ بِهِ في أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ ; لِأَنَّ الشَّاهِدَ حُجَّةٌ فِيهِ مَعَ يَمِينِ الْمُدَّعِي. وَالْيَمِينُ إِنَّمَا تَتَعَيَّنُ عِنْدَ تَعَذُّرِ شَاهِدٍ آخَرَ، وَلَمْ يَحْصُلِ التَّعَذُّرُ. وَقِيلَ: لَا يُحْبَسُ. (وَإِنْ كَانَ فِي غَيْرِهِ فَعَلَى وَجْهَيْنِ) :
أَحَدُهُمَا: لَا يَحْبِسُهُ ; لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ حُجَّةً فِي إِثْبَاتِهِ، أَشْبَهَ مَا لَوْ لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ.
وَالثَّانِي: بَلَى، كَالَّتِي قَبْلَهَا. وَالْأَوَّلُ أَوْلَى ; لِأَنَّهُ إِنْ حُبِسَ لِيُقِيمَ شَاهِدًا آخَرَ يُتِمُّ بِهِ الْبَيِّنَةَ، فَهُوَ كَالْحَقِّ الَّذِي لَا يَثْبُتُ إِلَّا بِشَاهِدَيْنِ. وَإِنْ حُبِسَ لِيَحْلِفَ مَعَهُ، فَلَا حَاجَةَ إِلَيْهِ ; لِأَنَّ الْحَلِفَ مُمْكِنٌ فِي الْحَالِ، فَإِنْ ثَبَتَ حَقُّهُ وَإِلَّا لَمْ يَجِبْ شَيْءٌ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute