للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شَيْءٍ مِنْهُ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ.

ثُمَّ إِذَا قَدِمَ الْغَائِبُ، وَبَلَغَ الصَّبِيُّ، أَوْ أَفَاقَ الْمَجْنُونُ فَهُوَ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَنَصَرَهُ فِي الشَّرْحِ، وَاخْتَارَهُ الْخَلَّالُ وَصَاحِبُهُ، لِحُكْمِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - عَلَى أَبِي سُفْيَانَ فِي حَدِيثِ هِنْدَ وَلَمْ يَكُنْ حَاضِرًا، وَلِأَنَّ عَدَمَ سَمَاعِهَا يُفْضِي إِلَى تَأْخِيرِ الْحَقِّ مَعَ إِمْكَانِ اسْتِيفَائِهِ، وَالسَّمَاعُ مِنْ أَجْلِ الْحُكْمِ. وَلَيْسَ تَقَدُّمُ الْإِنْكَارِ هُنَا شَرْطًا. وَلَوْ فُرِضَ إِقْرَارُهُ فَهُوَ تَقْوِيَةٌ لِثُبُوتِهِ. قَالَ فِي التَّرْغِيبِ، وَغَيْرِهِ: لَا تَفْتَقِرُ الْبَيِّنَةُ إِلَى جُحُودٍ، إِذِ الْغَيْبَةُ كَالسُّكُوتِ، وَالْبَيِّنَةُ تُسْمَعُ عَلَى سَاكِتٍ. لَكِنْ لَوْ قَالَ: هُوَ مُعْتَرِفٌ، وَأَنَا أُقِيمُ الْبَيِّنَةَ اسْتِظْهَارًا. لَمْ تُسْمَعْ. وَقَالَهُ الْآدَمِيُّ. وَقَدْ عُلِمَ أَنَّ الْمُسْتَتِرَ وَالْمَيِّتَ كَالْغَائِبِ، بَلْ أَوْلَى ; لِأَنَّ الْمُسْتَتِرَ لَا عُذْرَ لَهُ بِخِلَافِ الْغَائِبِ. وَأَمَّا الصَّبِيُّ وَالْمَجْنُونُ فَإِنَّهُمَا لَا يُعَبِّرَانِ عَنْ أَنْفُسِهِمَا.

وَظَاهِرُهُ: أَنَّهُ إِذَا لَمْ تَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ لَمْ تُسْمَعْ دَعْوَاهُ. الْفَائِدَةُ: وَلَا يُقْضَى عَلَى غَائِبٍ بِحَقٍّ لِلَّهِ ; لِأَنَّ مَبْنَاهُ عَلَى الْمُسَاهَلَةِ. فَإِنْ تَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ آدَمِيٍّ كَالسَّرِقَةِ قَضَى بِالْغُرْمِ دُونَ الْقَطْعِ، وَفِي حَدِّ الْقَاذِفِ وَجْهَانِ. (وَهَلْ يَحْلِفُ الْمُدَّعِي أَنَّهُ لَمْ يَبْرَأْ مِنْهُ؟ وَلَا مِنْ شَيْءٍ مِنْهُ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ) :

إِحْدَاهُمَا: لَا يُسْتَحْلَفُ عَلَى بَقَاءِ حَقِّهِ. اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ، وَذَكَرَهُ فِي الشَّرْحِ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ ; لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي، وَالْيَمِينُ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ» وَكَمَا لَوْ كَانَتْ عَلَى حَاضِرٍ.

وَالثَّانِيَةُ: بَلَى، قَدَّمَهَا فِي الْمُحَرَّرِ، وَجَزَمَ بِهَا فِي الْوَجِيزِ وَصَحَّحَهَا فِي الرِّعَايَةِ، وَقَالَهَا أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ، لِأَنَّهُ يَجِبُ الِاحْتِيَاطُ، وَلِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ قَضَاهُ أَوْ على غَيْر ذَلِكَ. وَكَمَا لَوْ كَانَ حَاضِرًا فَادَّعَى بَعْضَ ذَلِكَ وَطَلَبَ الْيَمِينَ، وَلَا يَتَعَرَّضُ فِي يَمِينِهِ لَصِدْقِ الْبَيِّنَةِ لِكَمَالِهَا، بِخِلَافِ مَا إِذَا قَامَ شَاهِدًا، فَإِنَّهُ يَحْلِفُ مَعَهُ وَلَا يَلِينُ مَعَ بَيِّنَةٍ إِلَّا هُنَا ; لِأَنَّ فِيهِ طَعْنًا عَلَى الْبَيِّنَةِ. وَعَنْهُ: بَلَى، فَعَلَهُ عَلِيٌّ. وَعَنْهُ: مَعَ رِيبَةٍ، وَلَيْسَ بِبَعِيدٍ. وَعَنْهُ: لَا يَحْكُمُ عَلَى غَائِبٍ وَنَحْوِهِ. اخْتَارَهُ ابْنُ أَبِي مُوسَى. وَكَانَ شُرَيْحٌ لَا يَرَى الْقَضَاءَ عَلَى الْغَائِبِ. وَذَكَرَ ابْنُ هُبَيْرَةَ عَنْ أَحْمَدَ: أَنَّهُ لَا يُحْكَمُ عَلَى غَائِبٍ بِحَالٍ، إِلَّا أَنْ يَتَعَلَّقَ الْحُكْمُ لِلْحَاضِرِ، مِثْلَ: أَنْ يَكُونَ وَكِيلُ الْغَائِبِ، أَوْ وَصِيٌّ، أَوْ جَمَاعَةٌ شُرَكَاءُ فِي شَيْءٍ فَيَدَّعِي عَلَى أَحَدِهِمْ وَهُوَ حَاضِرٌ، فَيَحْكُمُ عَلَيْهِ وَعَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>