للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَى حُجَّتِهِ. وَإِنْ كَانَ الْخَصْمُ فِي الْبَلَدِ غَائِبًا عَنِ الْمَجْلِسِ لَمْ تُسْمَعِ الدعوى. فَإِنِ امْتَنَعَ عَنِ الْحُضُورِ، سُمِعَتِ الْبَيِّنَةُ وَحُكِمَ بِهَا، فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ، وَالْأُخْرَى لَا تُسْمَعُ حَتَّى يَحْضُرَ. فَإِنْ أَبَى، بَعَثَ إِلَى صَاحِبِ الشُّرْطَةِ لِيُحْضِرَهُ. فَإِنْ تَكَرَّرَ مِنْهُ الِاسْتِتَارُ، أَقْعَدَ عَلَى بَابِهِ مَنْ يُضَيِّقُ عَلَيْهِ فِي دُخُولِهِ وَخُرُوجِهِ حَتَّى

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

الْغَائِبِ. (ثُمَّ إِذَا قَدَمَ الْغَائِبُ، وَبَلَغَ الصَّبِيُّ، أَوْ أَفَاقَ الْمَجْنُونُ فَهُوَ عَلَى حُجَّتِهِ) لِأَنَّ الْمَانِعَ إِذَا زَالَ صَارَ كَالْحَاضِرِ الْمُكَلَّفِ. فَإِنْ قَدَمَ الْغَائِبُ قَبْلَ الْحُكْمِ لَمْ تَجِبْ إِعَادَةُ الْبَيِّنَةِ، لَكِنْ يُخْبِرُهُ الْحَاكِمُ بِالْحَالِ وَيُمَكِّنُهُ مِنَ الْجَرْحِ، فَإِنْ جَرَحَ الْبَيِّنَةَ بَعْدَ أَدَاءِ الشَّهَادَةِ أَوْ مُطْلَقًا لَمْ يُقْبَلْ، لِجَوَازِ كَوْنِهِ بَعْدَ الْحُكْمِ فَلَا يَقْدَحُ فِيهِ، وَإِلَّا قُبِلَ. (وَإِنْ كَانَ الْخَصْمُ فِي الْبَلَدِ غَائِبًا عَنِ الْمَجْلِسِ) أَوْ غَائِبًا عَنْهَا دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ غَيْرُ مُمْتَنِعٍ. (لَمْ تُسْمَعِ) الدَّعْوَى وَلَا (الْبَيِّنَةُ حَتَّى يَحْضُرَ) ، لِأَنَّ حُضُورَهُ مُمْكِنٌ، فَلَمْ يَجُزِ الْحُكْمُ عَلَيْهِ مَعَ حُضُورِهِ، كَحَاضِرِ مَجْلِسِ الْحُكْمِ، بِخِلَافِ الْغَائِبِ. (فَإِنِ امْتَنَعَ منِ الْحُضُورِ، سُمِعَتِ الْبَيِّنَةُ وَحُكِمَ بِهَا فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ) قَدَّمَهَا فِي الْفُرُوعِ وَهِيَ أَشْهَرُ، لِأَنَّه إِذَا سُمِعَتْ عَلَى غَائِبٍ وَحُكِمَ بِهَا، فَلَأَنْ تُسْمَعَ عَلَى الْحَاضِرِ الْمُمْتَنِعِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى ; لِأَنَّ الْحَاضِرَ الْمُمْتَنِعَ لَا عُذْرَ لَهُ. (وَالْأُخْرَى لَا تُسْمَعُ حَتَّى يَحْضُرَ) لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «لَا يَقْضِي لِلْأَوَّلِ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ الثَّانِي» . فَعَلَى هَذَا لَوْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ وَأَصَرَّ عَلَى الِاسْتِتَارِ، حَكَمَ عَلَيْهِ. نَصَّ عَلَيْهِ. فَإِنْ وَجَدَ لَهُ مَالًا وَفَّاهُ مِنْهُ. وَإِلَّا قَالَ لِلْمُدَّعِي: إِنْ عَرَفْتُ لَهُ مَالًا وَثَبَتَ عِنْدِي، وَفَّيْتُكَ مِنْهُ. وَنَقَلَ أَبُو طَالِبٍ: يُسْمَعَانِ، وَلَكِنْ لَا يَحْكُمُ عَلَيْهِ حَتَّى يَحْضُرَ. قَالَ فِي الْمُحَرَّرِ: وَهُوَ الْأَصَحُّ. (فَإِنْ أَبَى، بَعَثَ إِلَى صَاحِبِ الشُّرْطَةِ لِيُحْضِرَهُ) فَعَلَى هَذَا يُنْفِذُ مَنْ يَقُولُ فِي مَنْزِلِهِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ الْقَاضِي يَطْلُبُهُ إِلَى مَجْلِسِ الْحُكْمِ فَأَخْبَرُوهُ، وَيَحْرُمُ أَنْ يَدْخُلَ عَلَيْهِ بَيْتَهُ. لَكِنْ صَرَّحَ فِي التَّبْصِرَةِ: إِنْ صَحَّ عِنْدَ الْحَاكِمِ أَنَّهُ فِي مَنْزِلِهِ، أَمَرَ بِالْهُجُومِ عَلَيْهِ وَإِخْرَاجِهِ. وَنَصُّهُ: يَحْكُمُ بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ. جَزَمَ بِهِ فِي التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ.

وَظَاهِرُ نَقْلِ الْأَثْرَمِ: يَحْكُمُ عَلَيْهِ إِذَا خَرَجَ. قَالَ: لِأَنَّهُ قَدْ صَارَ فِي حَرَمِهِ، كَمَنْ لَجَأَ إِلَى الْحَرَمِ. (فَإِنْ تَكَرَّرَ مِنْهُ الِاسْتِتَارُ، أَقْعَدَ عَلَى بَابِهِ مَنْ يُضَيِّقُ عَلَيْهِ فِي دُخُولِهِ وَخُرُوجِهِ حَتَّى يَحْضُرَ) ، إِذِ الْحَاكِمُ يَضَيِّقُ عَلَيْهِ بِمَا يَرَاهُ حَتَّى يَحْضُرَ. وَالْحُكْمُ لِلْغَائِبِ مُمْتَنِعٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>