لِلْآخَرِ بَطَلَتِ الْقِسْمَةُ.
وَيَجُوزُ لِلْأَبِ وَالْوَصِيِّ قَسْمُ مَالِ الْمُولَى عَلَيْهِ مَعَ شَرِيكِهِ.
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
فَمَنِ اخْتَارَ الْأَوَّلَ قَالَ: تَعَلُّقُ حَقِّ الْغُرَمَاءِ بِالرَّهْنِ آكَدُ؛ لِأَنَّهُ ثَبَتَ بِاخْتِيَارِ الْمَالِكِ، وَلِهَذَا مُنِعَ مِنَ التَّصَرُّفِ فِيهِ.
وَعَلَى الْأُخْرَى: حُكْمُهُ حُكْمُ التَّرِكَةِ وَمَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ مِنَ الْمُؤْنَةِ مِنْهَا، فَإِنْ تَصَرَّفَ الْوَارِثُ فِيهَا بِبَيْعٍ أَوْ هِبَةٍ، فَعَلَى الْمَذْهَبِ: هُوَ صَحِيحٌ إِنْ قَضَى الدَّيْنَ، وَإِلَّا نُقِضَ تَصَرُّفُهُ، كَمَا إِذَا تَصَرَّفَ السَّيِّدُ فِي الْجَانِي وَلَمْ يُؤَدِّ الْجِنَايَةَ.
وَعَلَى الثَّانِيَةِ: تَصَرُّفُهُ فَاسِدٌ؛ لِأَنَّهُ تَصَرَّفَ فِيمَا لَا يَمْلِكُهُ.
وَقَالَ ابْنُ حَمْدَانَ: إِنْ تَعَلَّقَ الدَّيْنُ بِالتَّرِكَةِ كَتَعَلُّقِهِ بِالرَّهْنِ، لَمْ يَصِحَّ تَصَرُّفُ الْوَارِثِ قَبْلَ الْوَفَاءِ، وَلَمْ يَخْتَصَّ بِالنَّمَاءِ، وَإِنْ قُلْنَا كَتَعَلُّقِ الْأَرْشِ بِالْجَانِي ـ وَهُوَ الْأَقْيَسُ ـ فَيَصِحُّ تَصَرُّفُهُ، ثُمَّ إِنْ ظَهَرَ الدَّيْنُ فَلِرَبِّهِ الْفَسْخُ وَأَخْذُ دَيْنِهِ، فِي الْأَصَحِّ، وَالدَّيْنُ الْمُسْتَغْرَقُ وَغَيْرُهُ سَوَاءٌ.
مَسْأَلَةٌ: إِذَا كَانَ لَهُ شَجَرٌ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ فَأَثْمَرَتْ، وَمَاتَ، فَالثَّمَرَةُ إِرْثٌ وَلَا يَتَعَلَّقُ بِهَا دَيْنٌ، وَفِيهَا الزَّكَاةُ إِنْ قُلْنَا تَنْتَقِلُ التَّرِكَةُ مَعَ الدَّيْنِ، تَعَلَّقَ بِهَا الدَّيْنُ، وَإِنْ كَانَ بَعْدَ وَقْتِ الْوُجُوبِ فَفِي الزَّكَاةِ رِوَايَتَانِ، وَإِنْ كَانَ قَبْلَهُ وَنَقَلْنَا التَّرِكَةَ قَبْلَ وَفَاءِ الدَّيْنِ فَكَذَا، وَإِلَّا فَلَا.
فَرْعٌ: إِذَا كَانَتِ التَّرِكَةُ أَرْضًا، وَرَضِيَ رَبُّهَا بِإِخْرَاجِ ثُلُثِهَا، فَقَسَمَهَا الْوَرَثَةُ وَقَالُوا: نَحْنُ نُخْرِجُ قِيمَةَ الثُّلُثِ بَيْنَنَا، فَقِيلَ: يَجُوزُ كَالدَّيْنِ، وَقِيلَ: لَا؛ لِأَنَّ الْمُسْتَحَقَّ بِالْوَصِيَّةِ بَعْضُ الْأَرْضِ، فَتَبْطُلُ الْقِسْمَةُ.
وَقَالَ السَّامَرِّيُّ: تَبْطُلُ فِي حَقِّ كُلِّ وَارِثٍ بِقَدْرِ حِصَّتِهِ مِنَ الثُّلُثِ، وَفِي الْبَاقِي وَجْهَانِ، وَكَذَا إِنْ أَوْصَى أَنْ يُبَاعَ ثُلُثُهَا وَيُصْرَفَ فِي جِهَةِ عَيْنِهَا (وَإِذَا اقْتَسَمَا فَحَصَلَتِ الطَّرِيقُ فِي نَصِيبِ أَحَدِهِمَا، وَلَا مَنْفَذَ لِلْآخَرِ بَطَلَتِ الْقِسْمَةُ) ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ، مِنْهُمْ صَاحِبُ الْوَجِيزِ وَالْفُرُوعِ؛ لِأَنَّ النَّصِيبَ الَّذِي لَا طَرِيقَ لَهُ لَا قِيمَةَ لَهُ إِلَّا قِيمَةُ مِلْكِهِ، فَلَمْ يَحْصُلْ تَعْدِيلٌ، وَالْقِسْمَةُ تَقْتَضِيهِ؛ لِأَنَّ مِنْ شَرْطِ الْإِجْبَارِ عَلَى الْقِسْمَةِ أَنْ يَأْخُذَهُ كُلٌّ مِنْهُمَا يُمْكِنُ الِانْتِفَاعُ بِهِ، لَكِنْ إِنْ كَانَ أَخَذَهُ رَاضِيًا عَالِمًا بِأَنَّهُ لَا طَرِيقَ لَهُ جَازَ، كَمَا لَوِ اشْتَرَاهُ.
قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: وَكَذَا طَرِيقُ مَاءٍ، وَنَصُّهُ: هُوَ لَهُمَا مَا لَمْ يَشْتَرِطَا رَدَّهُ.
قَالَ الْمُؤَلِّفُ: قِيَاسُهُ: جُعِلَ الطَّرِيقُ مِثْلَهُ فِي نَصِيبِ الْآخَرِ، مَا لَمْ يَشْرُطْ صَرْفَهَا عَنْهُ،