للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْقِسْمَةِ، وَإِذَا اقْتَسَمَ الْوَرَثَةُ الْعَقَارَ، ثُمَّ ظَهَرَ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ، فَإِنْ قُلْنَا: هِيَ إِفْرَازُ حَقٍّ، لَمْ تَبْطُلِ الْقِسْمَةُ وَإِنْ قُلْنَا هِيَ بَيْعٌ انْبَنَى عَلَى بَيْعِ التَّرِكَةِ قَبْلَ قَضَاءِ الدَّيْنِ، هَلْ يَجُوزُ؛ عَلَى وَجْهَيْنِ.

وإذا اقْتَسَمَا، فَحَصَلَتِ الطَّرِيقُ فِي نَصِيبِ أَحَدِهِمَا، وَلَا مَنْفَذَ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

قَالَ فِي الشَّرْحِ: وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَبْطُلَ الْقِسْمَةُ؛ لِأَنَّ التَّعْدِيلَ فِيهَا شَرْطٌ، وَلَمْ يُوجَدْ بِخِلَافِ الْبَيْعِ (وَإِذَا اقْتَسَمَ الْوَرَثَةُ الْعَقَارَ، ثُمَّ ظَهَرَ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ، فَإِنْ قُلْنَا: هِيَ إِفْرَازُ حَقٍّ، لَمْ تَبْطُلِ الْقِسْمَةُ) ذَكَرَهُ مُعْظَمُ أَصْحَابِنَا؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ يَتَعَلَّقُ بِالتَّرِكَةِ بَعْدَ الْقِسْمَةِ، فَلَمْ يَقَعْ ضَرَرٌ فِي حَقِّ أَحَدٍ، لَكِنْ إِنِ امْتَنَعُوا مِنْ وَفَاءِ الدَّيْنِ بَطَلَتْ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْمِيرَاثِ، وَإِنِ امْتَنَعَ بَعْضُهُمْ بَطَلَ فِي نَصِيبِهِ وَحْدَهُ، وَفِي الْكَافِي فِي صِحَّةِ الْقِسْمَةِ وَجْهَانِ وَلَمْ يُفَرِّقْ، وَبَنَى ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الدَّيْنَ هَلْ يَمْنَعُ صِحَّةَ التَّصَرُّفِ فِي التَّرِكَةِ؛ فِيهِ وَجْهَانِ (وَإِنْ قُلْنَا هِيَ بَيْعٌ) ذَكَرَ ابْنُ عَقِيلٍ أَنَّهُ الْمَذْهَبُ (انْبَنَى عَلَى بَيْعِ التَّرِكَةِ قَبْلَ قَضَاءِ الدَّيْنِ، هَلْ يَجُوزُ؛ عَلَى وَجْهَيْنِ) وَحَكَاهُمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ، رِوَايَتَانِ.

الْأَصَحُّ: الْجَوَازُ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ الْجَانِيَ يَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهِ حَقُّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ وَيَتَمَكَّنُّ مَالِكُهُ مِنْ بَيْعِهِ، فَكَذَا الْوَارِثُ.

وَالثَّانِيَةُ: لَا؛ لِأَنَّ تَعَلُّقَ الدَّيْنِ بِالْعَيْنِ يَمْنَعُ التَّصَرُّفَ فِيهَا كَالرَّهْنِ.

تَنْبِيهٌ: تَرِكَةُ الْمَيِّتِ يَثْبُتُ فِيهَا الْمِلْكُ لِوَرَثَتِهِ، سَوَاءٌ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ أَوْ لَا، نَصَّ عَلَيْهِ.

وَقَالَ الْإِصْطَخْرِيُّ: يُمْنَعُ بِقَدْرِهِ، وَأَوْمَأَ إِلَيْهِ أَحْمَدُ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ لَمْ يَثْبُتْ فِي ذِمَّةِ الْوَرَثَةِ فَيَجِبُ أَنْ يَتَعَلَّقَ بِالتَّرِكَةِ.

وَالْمَذْهَبُ الْأَوَّلُ، بِدَلِيلِ أَنَّ الْغَرِيمَ لَا يَحْلِفُ عَلَى دَيْنِ الْمَيِّتِ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ مَحِلُّهُ الذِّمَّةُ، وَإِنَّمَا يَتَعَلَّقُ بِالتَّرِكَةِ، فَيَتَخَيَّرُ الْوَارِثُ بَيْنَ قَضَاءِ الدَّيْنِ مِنْهَا أَوْ مِنْ غَيْرِهَا كَالرَّهْنِ وَالْجَانِي، وَلَا يَلْزَمُهُ نَفَقَةُ الرَّقِيقِ وَالنَّمَاءِ لَهُ؛ لِأَنَّهُ نَمَاءُ مِلْكِهِ، أَشْبَهَ كَسْبَ الْجَانِي، وَقِيلَ: يَتَعَلَّقُ بِهِ حَقُّ الْغُرَمَاءِ كَنَمَاءِ الرَّهْنِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>