وَإِنْ كَانَ شَائِعًا فِيهِمَا فَهَلْ تَبْطُلُ الْقِسْمَةُ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ، وَإِذَا اقْتَسَمَا دَارَيْنِ قِسْمَةَ تَرَاضٍ، فَبَنَى أَحَدُهُمَا أو غرس فِي نَصِيبِهِ، ثُمَّ خَرَجَتِ الدَّارُ مُسْتَحَقَّةً، وَنُقِضَ بِنَاؤُهُ رَجَعَ بِنِصْفِ قِيمَتِهِ عَلَى شَرِيكِهِ، وَإِنْ خَرَجَ فِي نَصِيبِ أَحَدِهِمَا عَيْبٌ فَلَهُ فَسْخُ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
وَقِيلَ: تَبْطُلُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَعَيَّنِ الْبَاقِي لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي مُقَابَلَةِ مَا بَقِيَ لِلْآخَرِ (وَإِنْ كَانَ شَائِعًا فِيهِمَا فَهَلْ تَبْطُلُ الْقِسْمَةُ؛ عَلَى وَجْهَيْنِ) :
أَحَدُهُمَا: تَبْطُلُ، قَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْكَافِي وَالْوَجِيزِ؛ لِأَنَّ الثَّالِثَ شَرِيكُهُمَا لَمْ يَحْضُرْ وَلَمْ يَأْذَنْ، أَشْبَهَ مَا لَوْ عَلِمَاهُ.
وَالثَّانِي: لَا، كَمَا لَوْ كَانَ الْمُسْتَحَقُّ فِي نَصِيبِهِمَا عَلَى السَّوَاءِ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ بَقَاءُ حَقِّهِ فِي يَدِهِمَا جَمِيعًا مَعَ بَقَائِهِمَا فِيمَا عَدَا ذَلِكَ عَلَى مَا كَانَا. وَإِذَا ادَّعَى كُلٌّ مِنْهُمَا أَنَّ هَذَا مِنْ سَهْمِي تَحَالَفَا وَنَقَضَتِ الْقِسْمَةُ، (وَإِذَا اقْتَسَمَا دَارَيْنِ قِسْمَةَ تَرَاضٍ، فَبَنَى أَحَدُهُمَا أَوْ غَرَسَ فِي نَصِيبِهِ، ثُمَّ خَرَجَتِ الدَّارُ مُسْتَحَقَّةً وَنَقَضَ بِنَاؤهُ) وَقُلِعَ غِرَاسُهُ رَجَعَ بِنِصْفِ قِيمَتِهِ عَلَى شَرِيكِهِ) لِأَنَّ هَذِهِ الْقِسْمَةَ بِمَنْزِلَةِ الْبَيْعِ؛ لِأَنَّ الدَّارَيْنِ لَا يَقْتَسِمَانِ قِسْمَةَ إِجْبَارٍ، وَإِنَّمَا هُوَ بِالتَّرَاضِي، وَلَوْ بَاعَهُ نِصْفَ الدَّارِ رَجَعَ عَلَيْهِ بِنِصْفِ مَا غَرَمَ كَذَا هَذَا أَوْ كَذَا فِي قِسْمَةِ الْإِجْبَارِ إِنْ قُلْنَا هِيَ بَيْعٌ، وَإِنْ قُلْنَا إِفْرَازٌ فَلَا رُجُوعَ؛ لِأَنَّهُ أَفْرَزَ لَهُ حَقَّهُ مِنْ حَقِّهِ وَلَمْ يَضْمَنْ لَهُ مَا غَرَمَ فِيهِ.
وَأَطْلَقَ فِي التَّبْصِرَةِ رُجُوعَهُ، وَفِيهِ احْتِمَالٌ.
قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: إِذَا لَمْ يَرْجِعْ حَيْثُ لَا يَكُونُ بَيْعًا فَلَا يَرْجِعُ بِالْأُجْرَةِ وَلَا بِنِصْفِ قِيمَةِ الْوَلَدِ فِي الْغُرُورِ، إِذَا اقْتَسَمَا الْجَوَارِيَ أَعْيَانًا.
وَعَلَى هَذَا فَالَّذِي لَمْ يَسْتَحِقَّ شَيْئًا مِنْ نَصِيبِهِ يَرْجِعُ الْآخَرُ عَلَيْهِ بِمَا فَوَّتَهُ مِنَ الْمَنْفَعَةِ هَذِهِ الْمُدَّةَ (وَإِنْ خَرَجَ فِي نَصِيبِ أَحَدِهِمَا عَيْبٌ فَلَهُ فَسْخُ الْقِسْمَةِ) ذَكَرَهُ فِي الرِّعَايَةِ وَغَيْرِهَا، إِنْ كَانَ جَاهِلًا بِهِ؛ لِأَنَّ الْعَيْبَ نَقْصٌ عَنْ قَدْرِ حَقِّهِ الْخَارِجِ لَهُ، فَوَجَبَ أَنْ يَتَمَكَّنَ مِنْ فَسْخِ الْقِسْمَةِ اسْتِدْرَاكًا لِمَا فَاتَهُ. وَلَهُ الْإِمْسَاكُ مَعَ أَرْشِ الْعَيْبِ؛ لِأَنَّهُ نَقْصٌ فِي نَصِيبِهِ فَكَانَ لَهُ ذَلِكَ اسْتِدْرَاكًا لِحَقِّهِ الثَّابِتِ كَالْمُشْتَرِي.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute