تَقَدَّمَ، فَإِنْ أَقَرَّ صَاحِبُ الْيَدِ لِأَحَدِهِمَا لَمْ يرَجَّحْ بِذَلِكَ، وَإِنِ ادَّعَاهَا صَاحِبُ الْيَدِ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
إِحْدَاهُمَا: الْقُرْعَةُ، وَهِيَ ظَاهِرُ الْخِرَقِيِّ، وَصَحَّحَهَا ابْنُ الْمُنَجَّا، وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ الزُّبَيْرِ، وَقَالَهُ إِسْحَاقُ وَأَبُو عُبَيْدٍ، لِمَا رَوَى ابْنُ الْمُسَيَّبِ «أَنَّ رَجُلَيْنِ اخْتَصَمَا إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي أَمْرٍ، وَجَاءَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِشُهُودٍ عُدُولٍ، فَأَسْهَمَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَهُمَا» . رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ، وَقِيَاسًا عَلَى مَا إِذَا لَمْ تَكُنْ بَيِّنَةٌ.
فَعَلَى هَذَا: مَنْ خَرَجَتْ لَهُ الْقُرْعَةُ أَخَذَهَا مِنْ غَيْرِ يَمِينٍ.
وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: عَلَيْهِ الْيَمِينُ مَعَ بَيِّنَتِهِ، تَرْجِيحًا لَهَا.
وَالثَّانِيَةُ: تُقَسَّمُ الْعَيْنُ بَيْنَهُمَا لِحَدِيثِ أَبِي مُوسَى فِي الْبَعِيرِ.
وَالْأَوَّلُ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ عَلَى أَنَّ الْعَيْنَ فِي يَدِهِمَا، وَفِي قَوْلٍ: يَتَوَقَّفُ الْأَمْرُ حَتَّى يَتَبَيَّنَ.
فَرْعٌ: إِذَا أَنْكَرَهُمَا مِنَ الْعَيْنِ فِي يَدِهِ، وَكَانَتْ لِأَحَدِهِمَا بَيِّنَةٌ حَكَمَ لَهُ بِهَا، وَإِنْ أَقَامَ كُلٌّ مِنْهُمَا بَيِّنَةً، فَإِنْ قُلْنَا تُسْتَعْمَلُ الْبَيِّنَتَانِ، أُخِذَتِ الْعَيْنُ مِنْ يَدِهِ وَقُسِّمَتْ بَيْنَهُمَا، أَوْ يُدْفَعُ إِلَى مَنْ تَخْرُجُ لَهُ الْقُرْعَةُ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ. وَإِنْ قُلْنَا: بِسُقُوطِهِمَا، حَلَفَ صَاحِبُ الْيَدِ وَأُقِرَّتْ فِي يَدِهِ، كَمَا لَوْ لَمْ تَكُنْ بَيِّنَةٌ (فَإِنْ أَقَرَّ صَاحِبُ الْيَدِ لِأَحَدِهِمَا لَمْ يرَجَّحْ بِذَلِكَ) كَإِقْرَارِ الْعَبْدِ لِأَحَدِ الْمُدَّعِيَيْنِ، إِذَا قُلْنَا: لَا تَسْقُطُ الْبَيِّنَتَانِ؛ لِأَنَّهُ ثَبَتَ زَوَالُ مِلْكِهِ فَصَارَ كَالْأَجْنَبِيِّ، وَإِنْ قُلْنَا: بِسُقُوطِهِمَا، فَأَقَرَّ لِأَحَدِهِمَا أَوْ لَهُمَا قَبْلَ إِقْرَارِهِ، فَإِنْ أَقَرَّ لِأَحَدِهِمَا فِي الِابْتِدَاءِ صَارَ الْمُقِرُّ لَهُ صَاحِبَ الْيَدِ؛ لِأَنَّ مَنْ فِي يَدِهِ الْعَيْنُ مُقِرٌّ بِأَنَّ يَدَهُ نَائِبَةٌ عَنْ يَدِهِ.
وَإِنْ أَقَرَّ لَهُمَا جَمِيعًا فَالْيَدُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا فِي الْجُزْءِ الَّذِي أَقَرَّ لَهُ بِهِ، قَالَهُ فِي الشَّرْحِ وَغَيْرِهِ.
وَفِي الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَةِ: أَنَّهُ إِذَا أَقَرَّ لِأَحَدِهِمَا بِهَا أَنَّهَا لَهُ مَعَ يَمِينِهِ، ثُمَّ يَحْلِفُ الْمُقِرُّ لِلْآخَرِ عَلَى الْأَصَحِّ، فَإِنْ نَكَلَ لَزِمَهُ عِوَضُهَا.
فَرْعٌ: أَخَذَ ثَوْبًا مِنْ زَيْدٍ بِعَشَرَةٍ، وَآخَرَ مِنْ عَمْرٍو بِعِشْرِينَ، فَادَّعَى كُلٌّ مِنْهُمَا الْأَكْثَرَ قِيمَةً، وَلَا بَيِّنَةَ، اقْتَرَعَا، فَمَنْ قَرَعَ حَلَفَ وَأَخَذَ الْأَكْثَرَ قِيمَةً، وَالْبَاقِي لِلْآخَرِ، نَصَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُمَا تَنَازَعَا عَيْنًا فِي يَدِ غَيْرِهِمَا، وَفِي الرِّعَايَةِ: وَكَذَا إِنِ اشْتَرَاهَا مِنْهُمَا اثْنَانِ أَوْ بَاعَهُ لَهُمَا وَاحِدٌ (وَإِنِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute