لِنَفْسِهِ، فَقَالَ الْقَاضِي: يَحْلِفُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَهِيَ لَهُ، وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: بَلْ يُقْرَعُ بَيْنَ الْمُدَّعِيَيْنِ فَيكُونُ لِمَنْ تَخْرُجُ لَهُ الْقُرْعَةُ، وَإِنْ كَانَ فِي يَدِ رَجُلٍ عَبْدٍ فَادَّعَى أَنَّهُ اشْتَرَاهُ مِنْ زَيْدٍ، وَادَّعَى الْعَبْدُ أَنَّ زَيْدًا أَعْتَقَهُ، وَأَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ بَيِّنَةً انْبَنَى عَلَى بَيِّنَةِ الدَّاخِلِ وَالْخَارِجِ، وَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ فِي يَدِ زَيْدٍ، فَالْحُكْمُ فِيهِ حُكْمُ مَا إِذَا ادَّعَيَا عَيْنًا فِي يَدِ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
ادَّعَاهَا صَاحِبُ الْيَدِ لِنَفْسِهِ، فَقَالَ الْقَاضِي: يَحْلِفُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَهِيَ لَهُ) لِأَنَّهُ صَاحِبُ الْيَدِ وَهُوَ مُنْكِرٌ، فَلَزِمَتْهُ الْيَمِينُ لِلْخَبَرِ، وَكَمَنْ لَا بَيِّنَةَ لَهُ (وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: بَلْ يُقْرَعُ بَيْنَ الْمُدَّعِيَيْنِ) لِأَنَّهُ يَظْهَرُ الْمُسْتَحِقُّ لَهَا دُونَ صَاحِبِ الْيَدِ (فَيكُونُ لِمَنْ تَخْرُجُ لَهُ الْقُرْعَةُ) لِأَنَّ بَيِّنَتَهُمَا أَظْهَرَتْ أَنَّهُمَا الْمُسْتَحِقَّانِ لَهَا، وَأَنَّهُ لَا حَقَّ لِصَاحِبِ الْيَدِ، فَرَجَحَتْ إِحْدَى الْبَيِّنَتَيْنِ بِالْقُرْعَةِ، كَمَا لَوْ أَقَرَّ صَاحِبُ الْيَدِ لِأَحَدِهِمَا لَكِنْ لَا يَعْلَمُهُ بِعَيْنِهِ.
تَنْبِيهٌ: ادَّعَى أَنَّهُ اشْتَرَى أَوِ اتَّهَبَ مِنْ زَيْدٍ عَبْدَهُ، وَادَّعَى آخَرُ كَذَلِكَ، أَوِ ادَّعَى الْعَبْدُ الْعِتْقَ وَأَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ، بِذَلِكَ قَدَّمْنَا أَسْبَقَ التَّصَرُّفَيْنِ إِنْ عَلِمَ التَّارِيخَ، وَإِلَّا تَعَارَضَتَا فَتَسْقُطَانِ، أَوْ يُقَسَّمُ أَوْ يُقْرَعُ كَمَا سَبَقَ.
وَعَنْهُ: تُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الْعِتْقِ، وَلَوْ كَانَ الْعَبْدُ بِيَدِ أَحَدِ الْمُتَدَاعِيَيْنِ أَوْ يَدِ نَفْسِهِ، فَالْحُكْمُ كَذَلِكَ إِلْغَاءٌ لِهَذِهِ الْيَدِ، لِلْعِلْمِ بِمُسْتَنَدِهَا، نَصَّ عَلَيْهِ، وَاخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ.
وَعَنْهُ: أَنَّهَا يَدٌ مُعْتَبَرَةٌ فَلَا تَعَارُضَ، بَلِ الْحُكْمُ عَلَى الْخِلَافِ فِي الدَّاخِلِ وَالْخَارِجِ، قَالَهُ الْمَجْدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - (وَإِنْ كَانَ فِي يَدِ رَجُلٍ عَبْدٌ فَادَّعَى أَنَّهُ اشْتَرَاهُ مِنْ زَيْدٍ، وَادَّعَى الْعَبْدُ أَنَّ زَيْدًا أَعْتَقَهُ، وَأَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ بَيِّنَةً انْبَنَى عَلَى بَيِّنَةِ الدَّاخِلِ وَالْخَارِجِ) لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ دَاخِلٌ؛ لِأَنَّ يَدَهُ عَلَى الْعَبْدِ، وَالْعَبْدُ خَارِجٌ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَتْ لَهُ يَدٌ، هَذَا إِذَا كَانَا بِتَارِيخٍ وَاحِدٍ، فَإِنْ كَانَا بِتَارِيخَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ قَدَّمْنَا الْأُولَى وَبَطَلَتِ الْأُخْرَى؛ لِأَنَّهُ إِنْ سَبَقَ الْعِتْقُ لَمْ يَصِحَّ الْبَيْعُ، وَإِنْ صَحَّ الْبَيْعُ لَمْ يَصِحَّ الْعِتْقُ؛ لِأَنَّهُ أَعْتَقَ عَبْدَ غَيْرِهِ.
لَا يُقَالُ: يُحْتَمَلُ أَنَّهُ عَادَ إِلَى مِلْكِهِ فَأَعْتَقَهُ، لِأَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ الْمِلْكُ لِلْمُشْتَرِي فَلَا يُبْطِلُهُ عِتْقُ الْبَائِعِ (وَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ فِي يَدِ زَيْدٍ، فَالْحُكْمُ فِيهِ حُكْمُ مَا إِذَا ادَّعَيَا عَيْنًا فِي يَدِ غَيْرِهِمَا) لِأَنَّ الْعَبْدَ عَيْنٌ، وَهُوَ فِي يَدِ غَيْرِ الْمُتَنَازِعَيْنِ، فَعَلَى هَذَا: يَرْجِعُ إِلَى قَوْلِ زَيْدٍ، فَإِنْ أَنْكَرَهُمَا فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ؛ لِأَنَّهُ مُنْكِرٌ، وَإِنْ أَقَرَّ لِأَحَدِهِمَا قُبِلَ إِقْرَارُهُ وَحَلَفَ لِلْآخَرِ، وَإِنْ أَقَامَ أَحَدُهُمَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute