للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

افْتِتَاحُ الصَّلَاةِ إِلَى الْقِبْلَةِ فَهَلْ يَلْزَمُهُ ذَلِكَ؛ عَلَى رِوَايَتَيْنِ، وَالْفَرْضُ فِي الْقِبْلَةِ إِصَابَةُ الْعَيْنِ لِمَنْ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

التَّنَفُّلُ لِلْمَاشِي) فِي السَّفَرِ سَائِرًا (عَلَى رِوَايَتَيْنِ) إِحْدَاهُمَا: لَا يَجُوزُ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْخِرَقِيِّ، و" الْوَجِيزِ " لِأَنَّ الرُّخْصَةَ وَرَدَتْ فِي الرَّاكِبِ، وَالْمَاشِي بِخِلَافِهِ، لِأَنَّهُ يَأْتِي فِي الصَّلَاةِ بِمَشْيٍ مُتَتَابِعٍ وَعَمَلٍ كَثِيرٍ فَلَمْ يَصِحَّ الْإِلْحَاقُ، وَالثَّانِيَةُ: نَقَلَهَا الْمُثَنَّى بْنُ جَامِعٍ يَجُوزُ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي، وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ الْجَوْزِيِّ، وَقَدَّمَهُ فِي " الْمُحَرَّرِ " وَصَحَّحَهُ ابْنُ تَمِيمٍ، وَفِي " الْفُرُوعِ " لِأَنَّ الصَّلَاةَ أُبِيحَتْ لِلرَّاكِبِ لِئَلَّا يَنْقَطِعَ عَنِ الْقَافِلَةِ فِي السَّفَرِ، وَهُوَ مَوْجُودٌ فِي الْمَاشِي.

فَعَلَى هَذَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَفْتَتِحَهَا إِلَى الْقِبْلَةِ إِذَا أَمْكَنَهُ رِوَايَةً وَاحِدَةً، وَيَرْكَعُ وَيَسْجُدُ بِالْأَرْضِ إِلَيْهِمَا لِأَنَّهُ مُمْكِنٌ، وَيَفْعَلُ مَا سِوَى ذَلِكَ مَاشِيًا إِلَى جِهَةِ سَيْرِهِ، وَقِيلَ: يُومِئُ بِهِمَا سَيْره، وَقِيلَ: مَا سِوَى الْقِيَامِ يَفْعَلُهُ إِلَى الْقِبْلَةِ غَيْرَ مَاشٍ.

(وَإِنْ أَمْكَنَهُ) أَيِ: الرَّاكِبَ (افْتِتَاحُ الصَّلَاةِ) أَيْ: بِالْإِحْرَامِ (إِلَى الْقِبْلَةِ) بِالدَّابَّةِ أَوْ بِنَفْسِهِ كَرَاكِبِ رَاحِلَةٍ مُنْفَرِدَةٍ تُطِيعُهُ (فَهَلْ يَلْزَمُهُ ذَلِكَ عَلَى رِوَايَتَيْنِ) إِحْدَاهُمَا: يَلْزَمُهُ بِلَا مَشَقَّةٍ جَزَمَ بِهِ فِي " الْوَجِيزِ " وَنَقَلَهُ، وَاخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ، وَذَكَرَهُ أَبُو الْمَعَالِي وَغَيْرُهُ الْمَذْهَبُ، لِمَا رَوَى أَنَسٌ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إِذَا سَافَرَ وَأَرَادَ أَنْ يَتَطَوَّعَ اسْتَقْبَلَ بِنَاقَتِهِ الْقِبْلَةَ، فَكَبَّرَ ثُمَّ صَلَّى حَيْثُ كَانَ وُجْهَةُ رِكَابِهِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَهَذَا لَفْظُهُ، وَهُوَ حَدِيثٌ حَسَنٌ، وَلِأَنَّهُ أَمْكَنَهُ ابْتِدَاءُ الصَّلَاةِ إِلَى الْقِبْلَةِ فَلَزِمَهُ، وكراكب السفينة، وَالثَّانِيَةُ: لَا يَلْزَمُهُ، اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ، وَرَجَّحَهُ فِي " الْمُغْنِي " وَغَيْرِهِ لِمَا فِيهِ مِنَ الْمَشَقَّةِ، وَلِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ، وَلِأَنَّهُ جُزْءٌ مِنَ الصَّلَاةِ أَشْبَهَ سَائِرَهَا، وَيُحْمَلُ الْخَبَرُ الْأَوَّلُ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ، وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ إِذَا لَمْ يُمْكِنُهُ اسْتِقْبَالُهَا بِهِ كَرَاكِبِ رَاحِلَةٍ لَا تُطِيعُهُ، أَوْ جَمَلٍ مَقْطُورٍ لَا يُمْكِنُهُ إِدَارَتُهُ، لَمْ يَلْزَمْهُ، لِأَنَّهُ عَاجِزٌ عَنْهُ، أَشْبَهَ الْخَائِفَ، وَقَالَ الْقَاضِي: يُحْتَمَلُ أَنْ يَلْزَمَهُ، وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِذِكْرِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ، وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ إِذَا أَمْكَنَهُ مِنْ غَيْرِ

<<  <  ج: ص:  >  >>