قَرُبَ مِنْهَا، وَإِصَابَةُ الْجِهَةِ لِمَنْ بَعُدَ عَنْهَا، فَإِنْ أَمْكَنَهُ ذَلِكَ بِخَبَرٍ ثِقَةٍ عَنْ يَقِينٍ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
مَشَقَّةٍ، نُصَّ عَلَيْهِ، لِأَنَّهُ كَسَفِينَةٍ، قَالَهُ جَمَاعَةٌ، فَدَلَّ أَنَّهُ وِفَاقٌ، وَقِيلَ: لَا يَلْزَمُهُ، وَذَكَرَهُ فِي " الرِّعَايَةِ " رِوَايَةٌ لِلتَّسَاوِي فِي الرُّخَصِ الْعَامَّةِ فَدَلَّ أَنَّ السَّفِينَةَ كَذَلِكَ كَالْمِحَفَّةِ.
تَذْنِيبٌ: إِذَا نَذَرَ الصَّلَاةَ عَلَيْهَا جَازَ، وَذَكَرَ الْقَاضِي قَوْلًا: لَا، فَيَتَوَجَّهُ مِثْلُهُ مَنْ نَذَرَ الصَّلَاةَ فِي الْكَعْبَةِ.
١ -
فَرْعٌ: إِذَا عُذِرَ مَنْ عَدَلَتْ بِهِ دَابَّتُهُ عَنْ جِهَةِ سَيْرِهِ، أَوْ عَدَلَ هُوَ إِلَى غَيْرِ الْقِبْلَةِ وَطَالَ، بَطَلَتْ، وَقِيلَ: لَا، فَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ لِأَنَّهُ مَغْلُوبٌ كَسَاهٍ، وَإِنْ لَمْ يُعْذَرْ بِأَنْ عَدَلَتْ دَابَّتُهُ، وَأَمْكَنَهُ رَدُّهَا، أَوْ عَدَلَ إِلَى غَيْرِهَا مَعَ عِلْمِهِ، بَطَلَتْ، وَكَذَا إِنِ انْحَرَفَ عَنْ جِهَةِ سَيْرِهِ فَصَارَ قَفَاهُ إِلَى الْقِبْلَةِ عَمْدًا، إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَا انْحَرَفَ إِلَيْهِ جِهَةَ الْقِبْلَةِ، ذَكَرَهُ الْقَاضِي، وَإِنْ وَقَفَتْ دَابَّتُهُ تَعَبًا أَوْ مُنْتَظِرًا رُفْقَةً أَوْ لَمْ يَسِرْ كَسَيْرِهِمْ أَوْ نَوَى النُّزُولَ بِبَلَدٍ دَخَلَهُ اسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ، وَإِنْ نَزَلَ فِي أَثْنَائِهَا نَزَلَ مُسْتَقْبِلًا وَأَتَمَّهَا، نُصَّ عَلَيْهِ، وَإِنْ أَقَامَ فِي أَثْنَائِهَا أَتَمَّ صَلَاةَ مُقِيمٍ، وَإِنْ رَكِبَ مَاشٍ فِيهَا أَتَمَّهَا، وَالْمُقَدَّمُ بُطْلَانُهَا.
(وَالْفَرْضُ فِي الْقِبْلَةِ إِصَابَةُ الْعَيْنِ) أَيْ: عَيْنِ الْكَعْبَةِ (لِمَنْ قَرُبَ مِنْهَا) وَهُوَ مَنْ كَانَ مُعَايِنًا لَهَا، أَوْ نَاشِئًا بِمَكَّةَ، أَوْ كَثُرَ مَقَامُهُ فِيهَا، فَيَلْزَمُهُ بِحَيْثُ لَا يَخْرُجُ شَيْءٌ مِنْ بَدَنِهِ عَنْهَا، نُصَّ عَلَيْهِ، لِأَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى التَّوَجُّهِ إِلَى عَيْنِهَا قَطْعًا، فَلَمْ يَجُزِ الْعُدُولُ عَنْهُ وَالتَّوَجُّهُ إِلَيْهَا ظَنًّا، فَعَلَى هَذَا لَوْ خَرَجَ بِبَعْضِ بَدَنِهِ عَنْ مَسَامِتِهَا، لَمْ تَصِحَّ، وَقِيلَ: بَلَى فَإِنْ كَانَ ثَمَّ حَائِلٌ أَصْلِيٌّ مِنْ جَبَلٍ وَنَحْوِهِ، وَتَعَذَّرَ عَلَيْهِ التَّعْيِينُ، اجْتَهَدَ إِلَى عَيْنِهَا، وَعَنْهُ: أَوْ إِلَى جِهَتِهَا، وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ إِنْ تَعَذَّرَ فَكَبَعِيدٍ، وَلَا يَضُرُّ عُلُوٌّ عَلَيْهَا، وَلَا نُزُولٌ عَنْهَا إِذَا أَخْرَجَهُ ذَلِكَ عَنْ بِنَائِهَا، وَلَمْ يَخْرُجْ عَنْ مَوْضِعِهَا، لِأَنَّ الْوَاجِبَ اسْتِقْبَالُهَا.
تَنْبِيهٌ: حُكْمُ مَنْ كَانَ بِالْمَدِينَةِ فِي اسْتِقْبَالِ قِبْلَةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حُكْمُ مَنْ كَانَ بِمَكَّةَ، لِأَنَّهُ لَا يُقِرُّ عَلَى الْخَطَأِ، وَقَالَ صَاحِبُ " النَّظْمِ " وَكَذَا مَسْجِدُ الْكُوفَةِ لِاتِّفَاقِ الصَّحَابَةِ عَلَيْهِ، لَكِنْ قَالَ فِي " الشَّرْحِ ": فِي قَوْلِ الْأَصْحَابِ نَظَرٌ، فَإِنَّ صَلَاةَ الصَّفِّ الْمُسْتَطِيلِ فِي مَسْجِدِهِ عَلَيْهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute