يَجُوزُ ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يتَعَيَّنْ عَلَيْهِ فِي أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ.
وَمَنْ كَانَتْ عِنْدَهُ شَهَادَةٌ فِي
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
يَكُونَ مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ عَبَّاسٍ، حَيْثُ قَرَأَ: (وَلَا يُضَارَرْ) بِالْفَتْحِ.
وَقِيلَ: مَبْنِيَّةٌ لِلْفَاعِلِ، قَالَهُ عُمَرُ، يَقْرَأُ: (وَلَا يُضَارِرْ) بِالْكَسْرِ، فَيَخْرُجُ مِنْ هَذَا؛ لِأَنَّ النَّهْيَ إِذًا لِلشَّاهِدِ عَمَّا يَطْلُبُ مِنْهُ، أَوْ عَنِ التَّحْرِيفِ وَالزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ.
وَقَوْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا ضَرَرَ وَلَا إِضْرَارَ» وَلِأَنَّ الْقَاعِدَةَ أَنَّ الْإِنْسَانَ لَا يَضُرُّ نَفْسَهُ لِنَفْعِ غَيْرِهِ، وَمِنْ ثَمَّ إِذَا عَجَزَ الشَّاهِدُ عَنِ الْمَشْيِ فَأُجْرَةُ الْمَرْكُوبِ وَالنَّفَقَةِ عَلَى رَبِّ الشَّهَادَةِ، كَنَفَقَةِ الْمُحْرِمِ فِي الْحَجِّ، وَهَذَا إِذَا كَانَ دُونَ مَسَافَةِ قَصْرٍ.
وَقِيلَ: مَا يَرْجِعُ إِلَى مَنْزِلِهِ لِيَوْمِهِ، حَكَاهُ ابْنُ حَمْدَانَ، وَقِيلَ: إِنْ قَلَّ الشُّهُودُ وَكَثُرَ أَهْلُ الْبَلَدِ فَهِيَ فَرْضُ عَيْنٍ، وَإِلَّا فَفَرْضُ كِفَايَةٍ، وَالْأَدَاءُ مُخْتَصٌّ بِمَجْلِسِ الْحَاكِمِ، وَظَاهِرُ إِطْلَاقِ الْمُؤَلِّفِ، وَأَوْرَدَهُ ابْنُ حَمْدَانَ مَذْهَبًا مُطْلَقًا، وَالَّذِي أَوْرَدَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ: أَنَّهُ يَخْتَصُّ الْمَالَ وَكُلَّ حَقِّ آدَمِيٍّ.
فَرْعٌ: إِذَا دُعِيَ فَاسِقٌ إِلَى شَهَادَةٍ، فَلَهُ الْحُضُورُ مَعَ عَدَمِ غَيْرِهِ، ذَكَرَهُ فِي الرِّعَايَةِ، وَمُرَادُهُ لِتَحَمُّلِهَا.
وَفِي الْمُغْنِي وَغَيْرِهِ: إِنَّ التَّحَمُّلَ لَا تُعْتَبَرُ لَهُ الْعَدَالَةُ، فَلَوْ لَمْ يُؤَدِّ حَتَّى صَارَ عَدْلًا قُبِلَتْ (وَلَا يَجُوزُ لِمَنْ تَعَيَّنَتْ عَلَيْهِ أَخْذُ الْأُجْرَةِ عَلَيْهَا) وَكَذَا فِي الْمُسْتَوْعِبِ؛ لِئَلَّا يَأْخُذَ الْعَرْضَ عَنْ فَرْضِ الْعَيْنِ، (وَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَتَعَيَّنْ عَلَيْهِ فِي أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ) قَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَةِ، وَصَحَّحَهُ فِي الْفُرُوعِ؛ لِأَنَّ فَرْضَ الْكِفَايَةِ إِذَا قَامَ بِهِ الْبَعْضُ وَقَعَ مِنْهُمْ فَرْضًا، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَعَبَّرَ عَنْهُ بِالْجَعْلِ كَـ الْمُحَرَّرِ.
وَفِي الْفُرُوعِ: جَمَعَ بَيْنَهُمَا.
وَالثَّانِي: يَجُوزُ؛ لِأَنَّ النَّفَقَةَ عَلَى عِيَالِهِ فَرْضُ عَيْنٍ فَلَا يَشْتَغِلُ عَنْهُ بِفَرْضِ كِفَايَةٍ، قَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: وَأَصْلُ ذَلِكَ فِي أَخْذِ الْأُجْرَةِ عَلَى الْقُرْبِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute