للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَنْ لَا يَظْهَرَ مِنْهُ إِلَّا الْخَيْرُ، وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ فَاسِقٍ، سَوَاءٌ كَانَ فِسْقُهُ مِنْ جِهَةِ الْأَفْعَالِ أَوِ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

قَالَ أَحْمَدُ: لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ قَاطِعِ الرَّحِمِ، وَمَنْ لَا يُؤَدِّي زَكَاةَ مَالِهِ، وَإِذَا أَخْرَجَ فِي طَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ الْأُسْطُوَانَةَ، وَلَا يَكُونُ ابْنُهُ عَدْلًا إِذَا وَرِثَ أَبَاهُ حَتَّى يَرُدَّ مَا أَخَذَ مِنْ طَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ، (وَقِيلَ: أَنْ لَا يَظْهَرَ مِنْهُ إِلَّا الْخَيْرُ) لِأَنَّ مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ فِيهِ مَشَقَّةٌ وَحَرَجٌ، وَذَلِكَ مُنْتَفٍ شَرْعًا.

وَفِي الرِّعَايَةِ: وَهِيَ فِعْلُ مَا يَجِبُ وَيُسْتَحَبُّ، وَتَرْكُ مَا يَحْرُمُ وَيُكْرَهُ، وَمُجَانَبَةُ الرَّيْبِ وَالتُّهَمِ، وَمُلَازَمَةُ الْمُرُوءَةِ.

١ -

(وَلَا تُقْبَلَ شَهَادَةُ فَاسِقٍ) لِمَا تَقَدَّمَ (سَوَاءٌ كَانَ فِسْقُهُ مِنْ جِهَةِ الْأَفْعَالِ أَوِ الِاعْتِقَادِ) .

أَمَّا مِنْ جِهَةِ الْأَفْعَالِ كَالزِّنَى وَالْقَتْلِ وَنَحْوِهَا، فَلَا خِلَافَ فِي رَدِّ شَهَادَتِهِ.

وَأَمَّا مِنْ جِهَةِ الِاعْتِقَادِ ـ وَهُوَ اعْتِقَادُ الْبِدْعَةِ ـ فَوَجَبَ رَدُّ الشَّهَادَةِ؛ لِعُمُومِ النُّصُوصِ.

قَالَ أَحْمَدُ: مَا تُعْجِبُنِي شَهَادَةُ الْجَهْمِيَّةِ وَالرَّافِضَةِ وَالْقَدَرِيَّةِ المعلنة.

وَذَكَرَ السَّامَرِّيُّ وَابْنُ حَمْدَانَ وَغَيْرُهُمَا: أَنَّهُ لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ مَنْ فَسَقَ بِبِدْعَةٍ أَوْ كَفَرَ بِهَا، كَالْقَائِلِينَ بِخَلْقِ الْقُرْآنِ، وَبِنَفْيِ الْقَدَرِ، وَالْمُشَبِّهَةِ وَالْمُجَسِّمَةِ، وَالْجَهْمِيَّةِ، وَاللَّفْظِيَّةِ وَالْوَاقِفِيَّةِ.

وَذَكَرَ ابْنُ الْبَنَّا فِي تَكْفِيرِ مَنْ سَبَّ الصَّحَابَةَ وَالسَّلَفَ مِنَ الرَّافِضَةِ، وَمَنْ سَبَّ عَلِيًّا مِنَ الْخَوَارِجِ: خِلَافًا، وَالَّذِي ذَكَرَهُ الْقَاضِي عَدَمُ التَّكْفِيرِ.

وَفِي الرِّعَايَةِ: فِي تَكْفِيرِ مَنْ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَخْلُقِ الْمَعَاصِيَ، وَتَكْفِيرِ الْخَوَارِجِ وَالْوَاقِفِيَّةِ، وَتَكْفِيرِ مَنْ حَكَمْنَا بِكُفْرِهِ رِوَايَتَانِ.

وَمَنْ قَلَّدَ فِي خَلْقِ الْقُرْآنِ وَنَفْيِ الرُّؤْيَةِ وَنَحْوِهَا فِسْقٌ، اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ يَكْفُرُ كَمُجْتَهِدِهِمُ الدَّاعِيَةِ.

وَعَنْهُ: فِيهِ لَا، اخْتَارَهُ الْمُؤَلِّفُ فِي رِسَالَتِهِ إِلَى صَاحِبِ التَّلْخِيصِ؛ لِقَوْلِ أَحْمَدَ لِلْمُعْتَصِمِ:

<<  <  ج: ص:  >  >>