الِاعْتِقَادِ، وَيَتَخَرَّجُ عَلَى قَبُولِ شَهَادَةِ أَهْلِ الذِّمَّةِ قَبُولُ شَهَادَةِ الْفَاسِقِ مِنْ جِهَةِ الِاعْتِقَادِ الْمُتَدَيِّنِ بِهِ، إِذَا لَمْ يَتَدَيَّنْ بِالشَّهَادَةِ لِمُوَافِقِهِ عَلَى مُخَالِفِهِ، وَأَمَّا مَنْ فَعَلَ شَيْئًا مِنَ الْفُرُوعِ الْمُخْتَلَفِ فِيهَا فَتَزَوَّجَ بِغَيْرِ وَلِيٍّ، أَوْ شَرِبَ مِنَ النَّبِيذِ مَا لَا يُسْكِرُهُ، أَوْ أَخَّرَ الْحَجَّ الْوَاجِبَ مَعَ إِمْكَانِهِ وَنَحْوَهُ، مُتَأَوِّلًا فَلَا تُرَدُّ شَهَادَتُهُ، وَإِنْ فَعَلَهُ مُعْتَقِدًا تَحْرِيمَهُ رُدَّتْ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، (وَيَتَخَرَّجُ عَلَى قَبُولِ شَهَادَةِ أَهْلِ الذِّمَّةِ قَبُولُ شَهَادَةِ الْفَاسِقِ مِنْ جِهَةِ الِاعْتِقَادِ الْمُتَدَيِّنِ بِهِ، إِذَا لَمْ يَتَدَيَّنْ بِالشَّهَادَةِ لِمُوَافِقِةِ عَلَى مُخَالِفِهِ) قَالَهُ أَبُو الْخَطَّابِ. كَالْخَطَّابِيَّةِ؛ لِأَنَّهُ أَحْسَنُ حَالًا مِنَ الْكَافِرِ، فَإِذَا قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ كَانَ قَبُولُ قَوْلِ الْفَاسِقِ مِنْ جِهَةِ الِاعْتِقَادِ الْمُتَدَيِّنِ بِهِ أَوْلَى.
وَعَنْهُ: جَوَازُ الرِّوَايَةِ عَنِ الْقَدَرِيِّ إِذَا لَمْ يَكُنْ دَاعِيَةً، فَكَذَا الشَّهَادَةُ.
وَجَوَابُهُ: أَنَّهُ أَحَدُ نَوْعَيِ الْفِسْقِ، أَشْبَهَ الْآخَرَ (وَأَمَّا مَنْ فَعَلَ شَيْئًا مِنَ الْفُرُوعِ الْمُخْتَلَفِ فِيهَا) بَيَّنَ الْأَئِمَّةُ خِلَافًا شَائِعًا، ذَكَرَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالرِّعَايَةِ (فَتَزَوَّجَ بِغَيْرِ وَلِيٍّ، أَوْ شَرِبَ مِنَ النَّبِيذِ مَا لَا يُسْكِرُهُ، أَوْ أَخَّرَ الْحَجَّ الْوَاجِبَ مَعَ إِمْكَانِهِ وَنَحْوَهُ) كَمَا لَوْ أَخَّرَ الزَّكَاةَ مَعَ إِمْكَانِهِ (مُتَأَوِّلًا) أَوْ مُقَلِّدًا كَتَأَوُّلٍ، (فَلَا تُرَدُّ شَهَادَتُهُ) قَدَّمَهُ السَّامَرِّيُّ وَابْنُ حَمْدَانَ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ؛ لِأَنَّ الِاخْتِلَافَ فِي الْفُرُوعِ رَحْمَةٌ لِلْعِبَادِ، وَالتَّأْوِيلَ فِيهَا سَائِغٌ جَائِزٌ، بِدَلِيلِ اخْتِلَافِ الصَّحَابَةِ وَمَنْ بَعْدَهُمْ، وَلَمْ يَعِبْ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَلَمْ يُفَسِّقْهُ؛ لِأَنَّهُ فَعَلَ مَا لَهُ فِعْلُهُ، أَشْبَهَ الْمُتَّفَقَ عَلَيْهِ، وَعَنْهُ: يُفَسَّقُ مُتَأَوِّلٌ لَمْ يَسْكَرْ مِنْ نَبِيذٍ، اخْتَارَهُ فِي الْإِرْشَادِ وَالْمُبْهِجِ كَحَدِّهِ؛ لِأَنَّهُ يَدْعُو إِلَى الْمُجْمَعِ عَلَيْهِ، وَلِلسُّنَّةِ الْمُسْتَفِيضَةِ.
وَعَنْهُ: أُجِيزَ شَهَادَتُهُ، وَلَا أُصَلِّي خَلْفَهُ، وَنَقَلَ حَنْبَلٌ: الْمُسْكِرُ خَمْرٌ، وَلَيْسَ يَقُومُ مَقَامَ الْخَمْرَةِ بِعَيْنِهَا، فَإِنْ شَرِبَهَا مُسْتَحِلًّا قُتِلَ، وَإِنْ لَمْ يُجَاهِرْ وَلَمْ يُعْلِنْ وَلَمْ يَسْتَحِلَّهَا حُدَّ، وَهُوَ الْأَشْهَرُ فِيهِ.
وَعَنْهُ: إِنْ أَخَّرَ الْحَجَّ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَيْهِ فُسِّقَ، وَحَمَلَهَا الْقَاضِي عَلَى اعْتِقَادِ تَحْرِيمِ التَّأْخِيرِ.
فَأَمَّا إِنِ اعْتَقَدَ الْجَوَازَ فَلَا، صَحَّحَهُ فِي الرِّعَايَةِ، وَكَذَا حَمَلَهَا فِي الشَّرْحِ.
ثُمَّ قَالَ: وَقِيلَ: تُرَدُّ، ثُمَّ اسْتَدَلَّ بِقَوْلِ عُمَرَ: مَا هُمْ مُسْلِمِينَ. (وَإِنْ فَعَلَهُ مُعْتَقِدًا تَحْرِيمَهُ رُدَّتْ شَهَادَتُهُ) نَصَّ عَلَيْهِ، زَادَ فِي الشَّرْحِ: إِذَا تَكَرَّرَ؛ لِأَنَّهُ فَعَلَ مَا يَعْتَقِدُ تَحْرِيمَهُ، أَشْبَهَ فِعْلَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute