وَفَلَقَ لَهُ الْبَحْرَ، وأنجاه مِنْ فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ. وَالنَّصْرَانِيُّ يَقُولُ: وَاللَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ الْإِنْجِيلَ عَلَى عِيسَى، وَجَعَلَهُ يُحْيِي الْمَوْتَى وَيُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ. وَالْمَجُوسِيُّ يَقُولُ: وَاللَّهِ الَّذِي خَلَقَنِي وَرَزَقَنِي وَصَوَّرَنِي. وَالزَّمَانُ: يُحَلِّفُهُ بَعْدَ الْعَصْرِ أَوْ بَيْنَ الْأَذَانَيْنِ.
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
الطَّالِبُ: اسْمُ فَاعِلٍ مِنْ طَلَبَ الشَّيْءَ أَيْ: قَصَدَهُ. وَالْغَالِبُ: اسْمُ فَاعِلٍ مَنْ غَلَبَ يَغْلِبُ بِمَعْنَى قَهَرَ. وَالضَّارُّ النَّافِعُ مِنَ الْأَسْمَاءِ الْحُسْنَى: أَيْ: هُوَ قَادِرٌ عَلَى ضُرِّ مَنْ شَاءَ وَنَفَعِ مَنْ شَاءَ.
وَخَائِنَةُ الْأَعْيُنِ، فُسِّرَ: بِأَنَّهُ يُضْمِرُ فِي نَفْسِهِ شَيْئًا وَيَكُفُّ لِسَانَهُ وَيُومِئُ بِعَيْنِهِ، فَإِذَا ظَهَرَ ذَلِكَ سُمِّيَتْ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ. وَلَمْ يَذْكُرِ الْحَلِفَ بِالْمُصْحَفِ. قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: لَا أَعْلَمُ أَحَدًا أَوْجَبَ الْيَمِينَ عَلَى الْمُصْحَفِ.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: رَأَيْتُهُمْ يُؤَكِّدُونَ الْيَمِينَ بِالْمُصْحَفِ، وَرَأَيْتُ ابْنَ مَازِنٍ قَاضِي صَنْعَاءَ يُغَلِّظُ الْيَمِينَ بِهِ. قَالَ أَصْحَابُهُ: فَيُغَلَّظُ عَلَيْهِمْ بِإِحْضَارِ الْمُصْحَفِ.
قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: لَا تُتْرَكُ سُنَّةُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِفِعْلِ ابْنِ مَازِنٍ وَلَا غَيْرِهِ.
١ -
(وَالْيَهُودِيُّ يَقُولُ: وَاللَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ التَّوْرَاةَ عَلَى مُوسَى، وَفَلَقَ لَهُ الْبَحْرَ، وَأَنْجَاهُ مِنْ فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ) لِمَا رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِلْيَهُودِ: نَشَدْتُكُمْ بِاللَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ التَّوْرَاةَ عَلَى مُوسَى مَا تَجِدُونَ فِي التَّوْرَاةِ عَلَى مَنْ زَنَى؟» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ. (وَالنَّصْرَانِيُّ يَقُولُ: وَاللَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ الْإِنْجِيلَ عَلَى عِيسَى، وَجَعَلَهُ يُحْيِي الْمَوْتَى وَيُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ) لِأَنَّهُ لَفْظٌ تَتَأَكَّدُ بِهِ يَمِينُهُ، أَشْبَهَ الْيَهُودِيَّ. وَظَاهِرُهُ: أَنَّهَا تُغَلَّظُ فِي حَقِّ كُلِّ نَصْرَانِيٍّ بِذَلِكَ. وَفِيهِ إِشْكَالٌ ; لِأَنَّ مِنْهُمْ مَنْ لَا يَعْتَقِدُ أَنَّ عِيسَى رَسُولُ اللَّهِ، وَإِنَّمَا يَعْتَقِدُونَهُ ابْنًا لِلَّهِ. تَعَالَى اللَّهُ عَنْ ذَلِكَ. فَتَغْلِيظُ الْيَمِينِ بِمَا ذُكِرَ يُؤَدِّي إِلَى خُرُوجِ الْيَمِينِ عَنْ أَنْ تَكُونَ يَمِينًا، فَضْلًا عَنْ أَنْ تَكُونَ مُغَلَّظَةً. (وَالْمَجُوسِيُّ يَقُولُ: وَاللَّهِ الَّذِي خَلَقَنِي وَرَزَقَنِي وَصَوَّرَنِي) لِأَنَّهُ يُعَظِّمُ خَالِقَهُ وَرَازِقَهُ، أَشْبَهَ كَلِمَةَ التَّوْحِيدِ عِنْدَ الْمُسْلِمِ. وَذَكَرَ ابْنُ أَبِي مُوسَى: أَنَّهُ يَحْلِفُ مَعَ ذَلِكَ بِمَا يُعَظِّمُهُ مِنَ الْأَنْوَارِ وَغَيْرِهَا. وَالْوَثَنِيُّ كَالْمَجُوسِيِّ، قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ وَغَيْرِهَا. وَذَكَرَ فِي الشَّرْحِ: وَهُوَ الْأَشْهَرُ أَنَّهُ يَحْلِفُ هُوَ وَمَنْ يَعْبُدُ غَيْرَ اللَّهِ بِاللَّهِ وَحْدَهُ. (وَالزَّمَانُ يُحَلِّفُهُ بَعْدَ الْعَصْرِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {تَحْبِسُونَهُمَا مِنْ بَعْدِ الصَّلاةِ} [المائدة: ١٠٦] . قِيلَ: الْمُرَادُ صَلَاةُ الْعَصْرِ (أَوْ بَيْنَ الْأَذَانَيْنِ) أَيْ: بَيْنَ الْأَذَانِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute