وَالْمَكَانُ يُحَلِّفُهُ بِمَكَّةَ بَيْنَ الرُّكْنِ وَالْمَقَامِ، وَفِي الصَّخْرَةِ بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ، وَفِي سَائِرِ الْبُلْدَانِ عِنْدَ الْمِنْبَرِ. وَيَحْلِفُ أَهْلُ الذِّمَّةِ فِي الْمَوَاضِعِ الَّتِي يُعَظِّمُونَهَا. وَلَا تُغَلَّظُ الْيَمِينُ إِلَّا فِيمَا لَهُ خَطَرٌ، كَالْجِنَايَاتِ وَالْعَتَاقِ وَالطَّلَاقِ، وَمَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ مِنَ الْمَالِ. وَقِيلَ: مَا يُقْطَعُ بِهِ السَّارِقُ وَإِنْ رَأَى الْحَاكِمُ تَرْكَ التَّغْلِيظِ، فَتَرَكَهُ كَانَ مُصِيبًا.
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
وَالْإِقَامَةِ ; لِأَنَّهُ وَقْتٌ تُرْجَى فِيهِ إِجَابَةُ الدُّعَاءِ، فَتُرْجَى فِيهِ مُعَالَجَةُ الْكَاذِبِ. (وَالْمَكَانُ يُحَلِّفُهُ بِمَكَّةَ بَيْنَ الرُّكْنِ وَالْمَقَامِ) لِأَنَّهُ مَقَامٌ شَرِيفٌ زَائِدٌ عَلَى غَيْرِهِ فِي الْفَضِيلَةِ. (وَفِي الصَّخْرَةِ بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ) وَقَدْ وَرَدَ فِي سُنَنِ ابْنِ مَاجَهْ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: هِيَ مِنَ الْجَنَّةِ» . (وَفِي سَائِرِ الْبُلْدَانِ) كَمَدِينَةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. (عِنْدَ الْمِنْبَرِ) قِيَاسًا عَلَى الْخَبَرِ الْوَارِدِ فِي مِنْبَرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. رَوَاهُ مَالِكُ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَنْ حَلَفَ عَلَى مِنْبَرِي هَذَا بِيَمِينٍ آثِمَةٍ فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ» .
وَفِي الْوَاضِحِ: هَلْ يَرْقَى مُتَلَاعِنَانِ الْمِنْبَرَ؛ الْجَوَازُ، وَعَدَمُهُ.
وَقِيلَ: إِنْ قَلَّ النَّاسُ لَمْ يَجُزِ الصُّعُودُ. وَذَكَرَ أَبُو الْفَرَجِ: يَرْقَيَانِهِ. وَفِي الِانْتِصَارِ: قِيَامُهُ عَلَيْهِ ; لِأَنَّهُ أَبْلَغُ.
١ -
(وَيَحْلِفُ أَهْلُ الذِّمَّةِ فِي الْمَوَاضِعِ الَّتِي يُعَظِّمُونَهَا) لِأَنَّ الْيَمِينَ تُغَلَّظُ فِي حَقِّهِمْ زَمَانًا، فَكَذَا مَكَانًا. قَالَ الشَّعْبِيُّ لِنَصْرَانِيٍّ: اذْهَبْ إِلَى الْبِيعَةِ. قَالَ كَعْبُ بْنُ سَوْرٍ فِي نَصْرَانِيٍّ: اذْهَبُوا بِهِ إِلَى الْمَذْبَحِ. (وَلَا تُغَلَّظُ الْيَمِينُ إِلَّا فِيمَا لَهُ خَطَرٌ، كَالْجِنَايَاتِ وَالْعَتَاقِ وَالطَّلَاقِ، وَمَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ مِنَ الْمَالِ) قَدَّمَهُ السَّامَرِّيُّ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْكَافِي وَغَيْرِهِ ; لِأَنَّ التَّغْلِيظَ لِلتَّأْكِيدِ، وَمَا لَا خَطَرَ فِيهِ لَا يَحْتَاجُ إِلَى تَأْكِيدٍ. (وَقِيلَ: مَا يُقْطَعُ بِهِ السَّارِقُ) لِأَنَّ قَطْعَهُ يَدُلُّ عَلَى الِاهْتِمَامِ بِهِ، وَالتَّأْكِيدُ يُنَاسِبُهُ. وَقَالَ ابْنُ حَزْمٍ: وَتُغَلَّظُ فِي الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ. (وَإِنْ رَأَى الْحَاكِمُ تَرْكَ التَّغْلِيظِ فَتَرَكَهُ كَانَ مُصِيبًا) لِمُوَافَقَتِهِ مُطْلَقَ النَّصِّ. وَقَالَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ: جَازَ، وَلَمْ يَكُنْ تَارِكًا لِلسُّنَّةِ. وَتَرْكُ التَّغْلِيظِ أَوْلَى، اخْتَارَهُ الْمُؤَلِّفُ وَنَصَرَهُ لِظَوَاهِرِ النُّصُوصِ، إِلَّا فِي مَوْضِعٍ وَرَدَ الشَّرْعُ بِهِ وَصَحَّ؛ «لِتَحْلِيفِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْيَهُودَ بِقَوْلِهِ: نَشَدْتُكُمْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute