للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رَكْعَتَيْنِ، إِذَا فَارَقَ بُيُوتَ قَرْيَتِهِ أَوْ خِيَامَ قَوْمِهِ، وَهُوَ أَفْضَلُ مِنَ الْإِتْمَامِ، وَإِنْ أَتَمَّ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

عَبَّاسٍ، وَابْنِ عُمَرَ: يَقْصُرُ فِي يَوْمٍ، وَقَالَهُ الْأَوْزَاعِيُّ، وَرَوَى أَبُو دَاوُدَ أَنَّ دَحْيَةَ أَفْطَرَ فِي ثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ، وَأَفْطَرَ مَعَهُ أُنَاسٌ كَثِيرُونَ، وَقِيلَ: تُقْصَرُ فِي طَوِيلِ السَّفَرِ وَقَصِيرِهِ، وَالْأَوَّلُ أَوْلَى، لِأَنَّهُ مَسَافَةٌ تَجْمَعُ مَشَقَّةَ السَّفَرِ مِنَ الْحَلِّ وَالْعَقْدِ، فَجَازَ الْقَصْرُ فِيهِ كَغَيْرِهِ.

قَالَ الْمُؤَلِّفُ: وَالْحُجَّةُ مَعَ مَنْ أَبَاحَ الْقَصْرَ لِكُلِّ مُسَافِرٍ إِلَّا أَنَّ الْإِجْمَاعَ انْعَقَدَ عَلَى خِلَافِهِ.

(فَلَهُ قَصْرُ الرُّبَاعِيَّةِ خَاصَّةً إِلَى رَكْعَتَيْنِ) وَلَا قَصْرَ فِي الْمَغْرِبِ وَالْفَجْرِ إِجْمَاعًا، حَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ؛ لِأَنَّ الْفَجْرَ لَوْ قُصِرَتْ صَارَتْ رَكْعَةً، وَلَا نَظِيرَ لِذَلِكَ فِي الْفَرْضِ، وَالْمَغْرِبُ وَتْرُ النَّهَارِ، فَلَوْ قَصَرَ مِنْهَا رَكْعَةً لَمْ يَبْقَ وَتْرًا، وَرَكْعَتَانِ كَانَ إِجْحَافًا بِهَا، وَإِسْقَاطًا لِأَكْثَرِهَا، وَلَا نَظِيرَ لَهَا فِي الْفَرْضِ (إِذَا فَارَقَ بُيُوتَ قَرْيَتِهِ أَوْ خِيَامَ قَوْمِهِ) لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَوَّزَ الْقَصْرَ لِمَنْ ضَرَبَ فِي الْأَرْضِ، وَقَبْلَ مُفَارَقَةِ مَا ذُكِرَ لَا يَكُونُ ضَارِبًا وَلَا مُسَافِرًا، وَلِأَنَّ ذَلِكَ أَحَدُ طَرَفَيِ السَّفَرِ، أَشْبَهَ حَالَةَ الِانْتِهَاءِ، وَلِأَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «كَانَ يَقْصُرُ إِذَا ارْتَحَلَ» ، فَعَلَى هَذَا يَقْصُرُ إِذَا فَارَقَ بُيُوتَ قَرْيَتِهِ الْعَامِرَةِ، بِشَرْطِ أَنْ لَا يَرْجِعَ، أَوْ لَا يَنْوِيَ الرُّجُوعَ قَرِيبًا، فَإِنْ فَعَلَ، لَمْ يَتَرَخَّصْ حَتَّى يَرْجِعَ وَيُفَارِقَهُ، وَلَوْ لَمْ يَنْوِ الرُّجُوعَ، لَكِنْ بَدَا لَهُ لِحَاجَةٍ، لَمْ يَتَرَخَّصْ بَعْدَ نِيَّةِ عَوْدِهِ حَتَّى يُفَارِقَهُ ثَانِيًا، وَقِيلَ: وَالْخَرَابُ، كَمَا لَوْ وَلِيَهُ عَامِرٌ، وَقَالَ أَبُو الْمَعَالِي: أَوْ جَعَلَ مَزَارِعَ، وَبَسَاتِينَ يَسْكُنُهُ أَهْلُهُ، وَلَوْ فِي فَصْلِ النُّزْهَةِ، وَقِيلَ: يَقْصُرُ بِمُفَارَقَةِ سُورِ بَلَدِهِ، وَظَاهِرُهُ: وَلَوِ اتَّصَلَ بِهِ بَلَدٌ، وَاعْتَبَرَ أَبُو الْمَعَالِي انْفِصَالَهُ وَلَوْ بِذِرَاعٍ، وَيُعْتَبَرُ فِي سَاكِنِ الْقُصُورِ وَالْبَسَاتِينِ مُفَارَقَةُ مَا نُسِبُوا إِلَيْهِ عُرْفًا (وَهُوَ أَفْضَلُ مِنَ الْإِتْمَامِ) نَصَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - دَاوَمَ عَلَيْهِ، وَلَمْ يُنْقَلْ عَنْهُ الْإِتْمَامُ، وَكَذَلِكَ الْخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونَ مِنْ بَعْدِهِ، وَرَوَى أَحْمَدُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا: «إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ أَنْ تُؤْتَى رُخَصُهُ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ تُؤْتَى مَعْصِيَتُهُ» وَفِيهِ وَجْهُ أَنَّ الْإِتْمَامَ أَفْضَلُ؛ لِأَنَّهُ أَكْثَرُ عَمَلًا وَعَدَدًا؛ وَهُوَ الْأَصْلُ، أَشْبَهَ غَسْلَ الرِّجْلَيْنِ (وَإِنْ أَتَمَّ جَازَ) فِي الْمَشْهُورِ لِلْآيَةِ، وَلِحَدِيثِ يَعْلَى،

<<  <  ج: ص:  >  >>