. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
قَالَتْ عَائِشَةُ: «أَتَمَّ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَصَرَ» قَالَهُ الشَّافِعِيُّ، وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ، وَصَحَّحَهُ، وَبَيَّنَ سَلْمَانُ أَنَّ الْقَصْرَ رُخْصَةٌ بِمَحْضَرِ اثْنَيْ عَشَرَ صَحَابِيًّا، رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ، «وَلَمَّا أَتَمَّتْ عَائِشَةُ قَالَ لَهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أَحْسَنْتِ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ، وَالدَّارَقُطْنِيُّ، وَقَالَ: إِسْنَادٌ حَسَنٌ، وَقِيلَ: يَجِبُ الْقَصْرُ؛ وَهُوَ قَوْلُ جَمَاعَةٍ، وَعَنْهُ: الْوَقْفُ، وَقَالَ مَرَّةً: لَا يُعْجِبُنِي الْإِتْمَامُ، وَكَرِهَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ.
قَالَ فِي " الْفُرُوعِ ": وَهُوَ أَظْهَرُ.
١ -
مَسَائِلُ: الْأُولَى: يُعْتَبَرُ تَحْقِيقُ الْمَسَافَةِ، فَلَوْ شَكَّ فِي قَدْرِ السَّفَرِ لَمْ يَقْصُرْ، وَإِنْ بَانَ بَعْدَهُ أَنَّهُ طَوِيلٌ، كَمَا لَوْ صَلَّى شَاكًّا فِي دُخُولِ الْوَقْتِ، وَقَالَ ابْنُ أَبِي مُوسَى، وَابْنُ عَقِيلٍ: مَتَى بَلَغَ الْمَسَافَةَ قَصَرَ، وَعَنْهُ: إِنْ بَلَغَ عِشْرِينَ فَرْسَخًا.
الثَّانِيَةُ: أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَقْصِدَ جِهَةً مُعَيَّنَةً، فَلَوْ سَافَرَ وَلَمْ يَقْصِدْهَا لَمْ يَقْصُرْ، وَأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنَ الْجَزْمِ بِبُلُوغِ الْمَسَافَةِ، فَلَوْ عَلِمَ صَاحِبَهُ فِي بَلَدٍ بَعِيدٍ، وَنَوَى إِنْ وَجَدَهُ قَبْلَهُ لَمْ يَقْصُرْ، وَقِيلَ: إِنْ بَلَغَ مَسَافَةَ قَصْرٍ قَصَرَ، وَكَذَا سَائِحٌ وَتَائِهٌ.
الثَّالِثَةُ: إِذَا سَافَرَ لِيَتَرَخَّصَ، فَقَدْ ذَكَرُوا لَوْ سَافَرَ لِيُفْطِرَ حَرُمَ، وَقِيلَ: يُكْرَهُ، وَمِثْلُهُ مَنْ لَا خُفَّ فِي رِجْلِهِ، فَلَبِسَهُ لِغَرَضِ الْمَسْحِ خَاصَّةً، لَا يُسْتَحَبُّ لَهُ، كَمَا لَا يُسْتَحَبُّ لَهُ إِنْشَاءُ السَّفَرِ لِغَرَضِ التَّرَخُّصِ، وَيَأْتِي مَنْ سَافَرَ يَقْصِدُ حَلَّ يَمِينِهِ.
الرَّابِعَةُ: يَقْصُرُ، وَيَتَرَخَّصُ مُسَافِرٌ مُكْرَهًا، كَأَسِيرٍ عَلَى الْأَصَحِّ، كَامْرَأَةٍ وَعَبْدٍ تَبَعًا لِزَوْجٍ وَسَيِّدٍ فِي نِيَّتِهِ وَسَفَرِهِ، وَفِيهِمَا وَجْهٌ: لَا قَصْرَ.
وَقَالَ أَبُو الْمَعَالِي: وَالْجَيْشُ مَعَ الْأَمِيرِ، وَالْجُنْدِيُّ مَعَ أَمِيرِهِ إِنْ كَانَ رِزْقُهُمْ فِي مَالِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute