ثِيَابَهُ، وَسَجَاهُ بِثَوْبٍ يَسْتُرُهُ، وَجَعَلَ عَلَى بَطْنِهِ مِرْآةً أَوْ نَحْوَهَا، وَوَضَعَهُ عَلَى سَرِيرِ غُسْلِهِ، مُتَوَجِّهًا مُنْحَدِرًا نَحْوَ رِجْلَيْهِ، وَيُسَارِعُ فِي قَضَاءِ دَيْنِهِ، وَتَفْرِيقِ وَصِيَّتِهِ.
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
لِتَبْقَى أَعْضَاؤُهُ سَهْلَةً عَلَى الْغَاسِلِ لَيِّنَةً، وَمَعْنَاهُ أَنَّهُ يَرُدُّ ذِرَاعَيْهِ إِلَى عَضُدَيْهِ، ثُمَّ يَرُدُّهُمَا إِلَى جَنْبَيْهِ، ثُمَّ يَرُدُّهُمَا وَيَرُدُّ سَاقَيْهِ إِلَى فَخْذَيْهِ، وَهُمَا إِلَى بَطْنِهِ، ثُمَّ يَرُدُّهُمَا، وَيَكُونُ ذَلِكَ عَقِبَ مَوْتِهِ قَبْلَ قَسْوَتِهَا، فَإِنْ شَقَّ ذَلِكَ تَرَكَهُ (وَخَلَعَ ثِيَابَهُ) لِئَلَّا يَحْمَى جَسَدُهُ فَيُسْرِعَ إِلَيْهِ الْفَسَادُ وَيَتَغَيَّرَ، وَرُبَّمَا خَرَجَتْ مِنْهُ نَجَاسَةٌ فَلَوَّثَتْهَا (وَسَجَّاهُ) أَيْ: غَطَّاهُ (بِثَوْبٍ يَسْتُرُهُ) لِمَا رَوَتْ عَائِشَةُ «أَنَّ النَّبِيَّ ـ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ـ حِينَ تُوُفِّيَ سُجِّيَ بِبُرْدٍ حِبَرَةٍ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَلِأَنَّهُ أَعْظَمُ فِي كَرَامَتِهِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَعْطِفَ فَاضِلَ الثَّوَابِ عِنْدَ رَأْسِهِ وَرِجْلَيْهِ لِئَلَّا يَرْتَفِعَ بِالرِّيحِ (وَجَعَلَ عَلَى بَطْنِهِ مِرْآةً) بِكَسْرِ الْمِيمِ، الَّتِي يَنْظُرُ فِيهَا (أَوْ نَحْوَهَا) مِنْ حَدِيدٍ أَوْ طِينٍ لِقَوْلِ أَنَسٍ: ضَعُوا عَلَى بَطْنِهِ شَيْئًا مِنْ حَدِيدٍ. وَلِئَلَّا يَنْتَفِخَ بَطْنُهُ.
قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: وَهَذَا لَا يُتَصَوَّرُ إِلَّا وَهُوَ عَلَى ظَهْرِهِ (وَوَضَعَهُ عَلَى سَرِيرِ غُسْلِهِ) لِأَنَّهُ يَبْعُدُ عَنِ الْهَوَامِّ، وَيَرْتَفِعُ عَنْ نَدَاوَةِ الْأَرْضِ (مُتَوَجِّهًا) إِلَى الْقِبْلَةِ عَلَى جَنْبِهِ الْأَيْمَنِ، وَقِيلَ: عَلَى ظَهْرِهِ (مُنْحَدِرًا نَحْوَ رِجْلَيْهِ) أَيْ: يَكُونُ رَأْسُهُ أَعْلَى مِنْ رِجْلَيْهِ، لِيَنْصَبَّ عَنْهُ مَاءُ الْغُسْلِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهُ.
(وَ) يَجِبُ أَنْ (يُسَارِعَ فِي قَضَاءِ دَيْنِهِ) لِمَا رَوَى الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ، وَحَسَّنَهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا «نَفْسُ الْمُؤْمِنِ مُعَلَّقَةٌ بِدَيْنِهِ حَتَّى يُقْضَى عَنْهُ» ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ دَيْنِ اللَّهِ تَعَالَى وَدَيْنِ الْآدَمِيِّ، زَادَ فِي " الرِّعَايَةِ " قَبْلَ غُسْلِهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute