للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَتَجْهِيزُهُ إِذَا تَيَقَّنَ مَوْتَهُ بِانْفِصَالِ كَفَّيْهِ، وَمَيْلِ أَنْفِهِ، وَانْخِسَافِ صُدْغَيْهِ، وَاسْتِرْخَاءِ رِجْلَيْهِ.

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

وَقَالَ السَّامِرِيُّ: قَبْلَ دَفْنِهِ بِوَفَائِهِ أَوْ بِرَهْنٍ أَوْ ضَمِينٍ عَنْهُ إِنْ تَعَذَّرَ وَفَاؤُهُ عَاجِلًا، وَلِمَا فِيهِ مِنْ إِبْرَاءِ الذِّمَّةِ.

(وَ) يُسَنُّ (تَفْرِيقِ وَصِيَّتِهِ) لِمَا فِيهِ مِنْ تَعْجِيلِ الْأَجْرِ، وَاقْتَضَى ذَلِكَ تَقْدِيمَ الدَّيْنِ عَلَى الْوَصِيَّةِ لِقَوْلِ عَلِيٍّ: «قَضَى رَسُولُ اللَّهِ ـ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ـ بِالدَّيْنِ قَبْلَ الْوَصِيَّةِ» وَذَهَبَ أَبُو ثَوْرٍ إِلَى عكسه لظاهر النَّصِّ، وَجَوَابُهُ: أَنَّ الْوَصِيَّةَ لَمَّا أَشْبَهَتِ الْمِيرَاثَ فِي كَوْنِهَا بِلَا عَرَضٍ، فَكَانَ فِي إِخْرَاجِهَا مَشَقَّةٌ عَلَى الْوَارِثِ، فَقُدِّمَتْ حَثًّا عَلَى إِخْرَاجِهَا.

قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: وَلِذَلِكَ جِيءَ بِكَلِمَةِ (أَوِ) الَّتِي لِلتَّسْوِيَةِ أَيْ: فَيَسْتَوِيَانِ فِي الِاهْتِمَامِ وَعَدَمِ التَّضْيِيعِ، وَإِنْ كَانَ مُقَدَّمًا عَلَيْهَا (وَتَجْهِيزُهُ) لِقَوْلِهِ ـ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - ـ «لَا يَنْبَغِي لِجِيفَةِ مُسْلِمٍ أَنْ تُحْبَسَ بَيْنَ ظَهَرَانَيْ أَهْلِهِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَلِأَنَّهُ أَصْوَنُ لَهُ، وَأَحْفَظُ مِنَ التَّغْيِيرِ، لَكِنْ لَا بَأْسَ أَنْ يَنْتَظِرَ مَنْ يَحْضُرُهُ مِنْ وَلِيِّهِ وَغَيْرِهِ إِنْ كَانَ قَرِيبًا، وَلَمْ يُخْشَ عَلَيْهِ أَوْ يُشَقَّ عَلَى الْحَاضِرِينَ، نَصَّ عَلَيْهِ، فَإِنْ مَاتَ فَجْأَةً أَوْ شُكَّ فِي مَوْتِهِ انْتَظَرَ بِهِ حَتَّى يعلم مَوْتِهِ.

قَالَ أَحْمَدُ: مِنْ غُدْوَةٍ إِلَى اللَّيْلِ.

وَقَالَ الْقَاضِي: تُرِكَ يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً مَا لَمْ يَخَفْ فَسَادَهُ (إِذَا تَيَقَّنَ مَوْتَهُ بِانْفِصَالِ كَفَّيْهِ، وَمَيْلِ أنفه، وَانْخِسَافِ صُدْغَيْهِ، وَاسْتِرْخَاءِ رِجْلَيْهِ) لِأَنَّ هَذِهِ الْعَلَامَاتِ دَالَّةٌ عَلَى الْمَوْتِ يَقِينًا، زَادَ فِي " الشَّرْحِ "، وَ " الرِّعَايَةِ "، وَامْتِدَادُ جِلْدَةِ وَجْهِهِ، وَظَاهِرُ " الْمُسْتَوْعِبِ "، وَ " التَّلْخِيصِ "، وَ " الْفُرُوعِ " أَنَّ ذَلِكَ رَاجِعٌ إِلَى الْمُسَارَعَةِ فِي تَجْهِيزِهِ، وَكَلَامُ ابْنِ تَمِيمٍ دَالٌّ عَلَى أَنَّه رَاجِعٌ إِلَى قَوْلِهِ: وَلَيَّنَ مَفَاصِلَهُ وَمَا بَعْدَهُ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي " الْمُذْهَبِ "، وَصَرَّحَ بِهِ ابْنُ مُنَجَّا أَنَّهُ رَاجِعٌ إِلَى قَضَاءِ الدَّيْنِ وَمَا بَعْدَهُ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلِينَ لَا وَلَاءَ بِهِ لِأَحَدٍ عَلَيْهِمَا إِلَّا بَعْدَ الْمَوْتِ، وَالتَّجْهِيزُ قَبْلَ تَيَقُّنِ الْمَوْتِ تَفْرِيطٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>