ذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ يَثِقْ مِنْ نَفْسِهِ لَمْ يَجُزْ لَهُ، وَيُكْرَهُ لِمَنْ لَا صَبْرَ لَهُ عَلَى الضِّيقِ أَنْ يُنْقِصَ نَفْسَهُ عَنِ الْكِفَايَةِ التَّامَّةِ.
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
يَقِينِهِ، وَكَمَالِ إِيمَانِهِ، وَهَذَا يَقْتَضِي الِاسْتِحْبَابَ، وَعَنْ عُمَرَ: رَدُّ جَمِيعِ صَدَقَتِهِ، وَمَذْهَبُ أَهْلِ الشَّامِ يَنْفُذُ فِي الثُّلُثِ، وَعَنْ مَكْحُولٍ: فِي النِّصْفِ (وَإِنْ لَمْ يَثِقْ مِنْ نَفْسِهِ لَمْ يَجُزْ لَهُ) ذَكَرَهُ أَبُو الْخَطَّابِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي " الْوَجِيزِ " لِمَا رَوَى جَابِرٌ مَرْفُوعًا قَالَ: «خَيْرُ الصَّدَقَةِ مَا كَانَ عَنْ ظَهْرِ غِنًى» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ. فَيُمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ وَيُحْجَرُ عَلَيْهِ، وَفِي " الْمُغْنِي " وَ " الشَّرْحِ " أَنَّهُ يُكْرَهُ، فَإِنْ كَانَ لَهُ عَائِلَةٌ، وَلَهُمْ كِفَايَةٌ، أَوْ يَكْفِيهِمْ بِكَسْبِهِ، جَازَ لِقِصَّةِ الصِّدِّيقِ، (وَيُكْرَهُ لِمَنْ لَا صَبْرَ لَهُ عَلَى الضِّيقِ) وَلَا عَادَةَ لَهُ بِهِ (أَنْ يُنْقِصَ نَفْسَهُ عَنِ الْكِفَايَةِ التَّامَّةِ) نَصَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ التَّقْتِيرَ وَالتَّضْيِيقَ مَعَ الْقُدْرَةِ شُحٌّ وَبُخْلٌ نَهَى اللَّهُ عَنْهُ، وَتَعَوَّذَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْهُ، وَفِيهِ سُوءُ الظَّنِّ بِاللَّهِ تَعَالَى، وَظَهَرَ مِمَّا سَبَقَ أَنَّ الْفَقِيرَ لَا يَقْتَرِضُ وَلَا يَتَصَدَّقُ، لَكِنْ نَصَّ أَحْمَدُ فِي فَقِيرٍ لِقَرِيبِهِ وَلِيمَةٌ، يَسْتَقْرِضُ وَيُهْدِي لَهُ؛ وَهُوَ مَحْمُولٌ إِذَا ظَنَّ وَفَاءً.
مَسْأَلَةٌ: يَحْرُمُ الْمَنُّ بِالصَّدَقَةِ وَغَيْرِهَا؛ وَهُوَ كَبِيرَةٌ. نَصُّ أَحْمَدَ فِيهَا، وَيَبْطُلُ الثَّوَابُ بِذَلِكَ، وَلِلْأَصْحَابِ فِيهِ خِلَافٌ، وَفِيه بُطْلَانِ طَاعَةٍ بِمَعْصِيَةٍ، وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ الْإِحْبَاطَ لِمَعْنَى الْمُوَازَنَةِ، وَأَنَّهُ قَوْلُ أَكْثَرِ السَّلَفِ، وَإِذَا أَخْرَجَ شَيْئًا يَتَصَدَّقُ بِهِ، أَوْ وُكِّلَ فِي ذَلِكَ، ثُمَّ بَدَا لَهُ، اسْتُحِبَّ أَنْ يُمْضِيَهُ وَلَا يَجِبُ، وَعَنْهُ: أَنَّهُ حَبِيسٌ، وَقَدْ صَحَّ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنَّهُ كَانَ إِذَا أَخْرَجَ طَعَامًا لِسَائِلٍ فَلَمْ يَجِدْهُ، عَزَلَهُ حَتَّى يَجِيءَ آخَرُ، وَقَالَهُ الْحَسَنُ، وَمَنْ سَأَلَ فَأُعْطِيَ فَسَخِطَهُ، لَمْ يُعْطَ لِغَيْرِهِ فِي ظَاهِرِ كَلَامِ الْعُلَمَاءِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute