للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثَلَاثِينَ يَوْمًا، ثُمَّ صَامُوا وَإِنْ حَالَ دُونَ مَنْظَرِهِ غَيْمٌ أَوْ قَتَرٌ لَيْلَةَ الثَّلَاثِينَ، وَجَبَ صِيَامُهُ بِنِيَّةِ رَمَضَانَ فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ وَعَنْهُ لَا يَجِبُ وَعَنْهُ: النَّاسُ تَبَعٌ لِلْإِمَامِ، فَإِنْ صَامَ صَامُوا

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

وَقَدْ ضُعِّفَ، وَقَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: هُوَ مَوْضُوعٌ. وَسُمِّيَ رَمَضَانَ لِحَرِّ جَوْفِ الصَّائِمِ فِيهِ وَرَمْضِهِ، وَالرَّمْضَاءُ: شِدَّةُ الْحَرِّ، وَقِيلَ: لَمَّا نَقَلُوا أَسْمَاءَ الشُّهُورِ عَنِ اللُّغَةِ الْقَدِيمَةِ، فَوَافَقَ شِدَّةَ الْحَرِّ، وَقِيلَ: لِأَنَّهُ يَحْرِقُ الذُّنُوبَ، وَقِيلَ: مَوْضُوعٌ لِغَيْرِ مَعْنًى، كَبَقِيَّةِ الشُّهُورِ، وَقِيلَ: فِيهَا مَعَانٍ أَيْضًا (بِرُؤْيَةِ الْهِلَالِ) لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ» (فَإِنْ لَمْ يُرَ مَعَ الصَّحْوِ أَكْمَلُوا عِدَّةَ شَعْبَانَ ثَلَاثِينَ يَوْمًا ثُمَّ صَامُوا) بِغَيْرِ خِلَافٍ، وَصَلَّوُا التَّرَاوِيحَ كَمَا لَوْ رَأَوْهُ. وَيُسْتَحَبُّ تَرَاءِي الْهِلَالِ احْتِيَاطًا لِلصَّوْمِ، وَحِذَارًا مِنَ الِاخْتِلَافِ، وَقَدْ رَوَتْ عَائِشَةُ، قَالَتْ «كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَتَحَفَّظُ فِي شَعْبَانَ مَا لَا يَتَحَفَّظُ فِي غَيْرِهِ، ثُمَّ يَصُومُ لِرُؤْيَةِ رَمَضَانَ» رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ.

(وَإِنْ حَالَ دُونَ مَنْظَرِهِ) أَيْ مَطْلَعِهِ (غَيْمٌ أَوْ قَتَرٌ لَيْلَةَ الثَّلَاثِينَ، وَجَبَ صِيَامُهُ بِنِيَّةِ رَمَضَانَ فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ) اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ، وَأَكْثَرُ شُيُوخِ أَصْحَابِنَا، وَنُصُوصُ أَحْمَدَ عَلَيْهِ، وَهُوَ مَذْهَبُ عُمَرَ، وَابْنِهِ، وَعَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَأَنَسٍ، وَمُعَاوِيَةَ، وَعَائِشَةَ وَأَسْمَاءَ بِنْتَيْ أَبِي بَكْرٍ , وَقَالَهُ جَمْعٌ مِنَ التَّابِعِينَ لِمَا رَوَى ابْنُ عُمَرَ مَرْفُوعًا قَالَ: «إِذَا رَأَيْتُمُوهُ فَصُومُوا، وَإِذَا رَأَيْتُمُوهُ فَأَفْطِرُوا، فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَاقْدُرُوا لَهُ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَمَعْنَى فَاقْدُرُوا لَهُ: أَيْ ضَيِّقُوا لِقَوْلِهِ - تَعَالَى - {وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ} [الطلاق: ٧] أَيْ ضُيِّقَ، وَهُوَ أَنْ يُجْعَلَ شَعْبَانُ تِسْعًا وَعِشْرِينَ يَوْمًا، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ: اقْدُرُوا زَمَانًا يطلع فِي مِثْلِهِ الْهِلَالُ، وَهَذَا الزَّمَانُ يَصِحُّ وُجُودُهُ فِيهِ، أَوْ يَكُونُ مَعْنَاهُ: فَاعْلَمُوا مِنْ طَرِيقِ الْحُكْمِ أَنَّهُ تَحْتَ الْغَيْمِ لِقَوْلِهِ - تَعَالَى - {إِلا امْرَأَتَهُ قَدَّرْنَاهَا مِنَ الْغَابِرِينَ} [النمل: ٥٧] أَيْ: عَلِمْنَاهَا. مَعَ أَنَّ بَعْضَ الْمُحَقِّقِينَ قَالُوا: إِنَّ الشَّهْرَ أَصْلُهُ تِسْعٌ، وَعِشْرُونَ، يُؤَيِّدُهُ مَا رَوَاهُ أَحْمَدُ عَنْ إِسْمَاعِيلَ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ قَالَ: كَانَ عَبْدُ اللَّهِ إِذَا مَضَى مِنْ شَعْبَانَ تِسْعٌ، وَعِشْرُونَ يَوْمًا بَعَثَ مَنْ يَنْظُرُ لَهُ فَإِنْ رَآهُ فَذَاكَ، وَإِنْ لَمْ يَرَهُ، وَلَمْ يَحُلْ دُونَ مَنْظَرِهِ سَحَابٌ، وَلَا قَتَرٌ أَصْبَحَ مُفْطِرًا، وَإِنْ حَالَ دُونَ مَنْظَرِهِ سَحَابٌ، أَوْ قَتَرٌ أَصْبَحَ صَائِمًا وَلَا شَكَّ أَنَّهُ رَاوِي الْخَبَرِ وَأَعْلَمُ بِمَعْنَاهُ، فَيَتَعَيَّنُ الْمَصِيرُ إِلَيْهِ، كَمَا رُجِعَ إِلَيْهِ فِي تَفْسِيرِ خِيَارِ

<<  <  ج: ص:  >  >>