للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

الْمُتَبَايِعَيْنِ يُؤَكِّدُهُ قَوْلُ عَلِيٍّ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَعَائِشَةَ: «لَأَنْ أَصُومَ يَوْمًا مِنْ شَعْبَانَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أُفْطِرَ يَوْمًا مِنْ رَمَضَانَ» ، وَلِأَنَّهُ يُحْتَاطُ لَهُ، وَيَجِبُ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ، فَعَلَى هَذَا يَصُومُهُ حُكْمًا ظَنِّيًّا بِوُجُوبِهِ احْتِيَاطًا، وَيُجْزِئُهُ إِذَا بَانَ مِنْهُ قِيلَ لِلْقَاضِي: لَا يَصِحُّ إِلَّا بِنِيَّةٍ وَمَعَ الشَّكِّ فِيهَا لَا يُجْزَمُ بِهَا؛ فَقَالَ لَا يَمْنَعُ التَّرَدُّدُ فِيهَا لِلْحَاجَةِ كَالْأَسِيرِ، وَصَلَاةِ مَنْ خَمَّسَ. وَفِي الِانْتِصَارِ يُجْزِئُهُ إِنْ لَمْ يَعْتَبِرْ نِيَّةَ التَّعْيِينِ، وَإِلَّا فَلَا. وَظَاهِرُهُ أَنَّهَا لَا تُصَلَّى التَّرَاوِيحُ لَيْلَتِئِذٍ، وَاخْتَارَهُ التَّمِيمِيُّونَ اقْتِصَارًا عَلَى النَّصِّ، وَاخْتَارَ جَمَاعَةٌ عَكْسَهُ قَالَ الْمَجْدُ: هُوَ أَشْبَهُ بِكَلَامِ أَحْمَدَ الْقِيَامُ قَبْلَ الصِّيَامِ، وَعَنْهُ: يَنْوِيهِ حُكْمًا جَازِمًا بِوُجُوبِهِ، وَقَالَهُ بَعْضُ أَصْحَابِنَا، وَجَزَمَ بِهِ فِي " الْوَجِيزِ " فَعَلَيْهِ يُصَلِّي التَّرَاوِيحَ إِذَنْ، وَلَا تَثْبُتُ بَقِيَّةُ الْأَحْكَامِ مِنْ حُلُولِ الْآجَالِ، وَوُقُوعِ الْمُعَلَّقَاتِ، وَانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَذَكَرَ الْقَاضِي احْتِمَالًا يَثْبُتُ كَمَا يَثْبُتُ الصَّوْمُ، وَتَوَابِعُهُ مِنَ النِّيَّةِ، وَتَعْيِينِهَا وَوُجُوبِ الْكَفَّارَةِ بِالْوَطْءِ فِيهِ، وَنَحْوُهُ ذَلِكَ.

(وَعَنْهُ: لَا يَجِبُ) صَوْمُهُ قَبْلَ رُؤْيَةِ هِلَالِهِ، أَوْ إِكْمَالِ شَعْبَانَ، اخْتَارَهُ فِي " التَّبْصِرَةِ " وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ، وَقَالَ: هُوَ مَذْهَبُ أَحْمَدَ الْمَنْصُوصُ الصَّرِيحُ عَنْهُ، وَقَالَهُ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ لِمَا رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا: «صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ، وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ، فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ، فَأَكْمِلُوا عِدَّةَ شَعْبَانَ ثَلَاثِينَ يَوْمًا» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَلَفْظُهُ لِلْبُخَارِيِّ، وَلِأَنَّهُ يَوْمُ شَكٍّ وَهُوَ مَنْهِيٌّ عَنْ صَوْمِهِ، وَالْأَصْلُ بَقَاءُ الشَّهْرِ فَلَا يُنْتَقَلُ عَنْهُ بِالشَّكِّ، وَأُجِيبَ بِأَنَّ خَبَرَ أَبِي هُرَيْرَةَ يَرْوِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ زِيَادٍ، وَقَدْ خَالَفَهُ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ فَرَوَاهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.

(فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَصُومُوا ثَلَاثِينَ) وَرِوَايَتُهُ أَوْلَى لِإِمَامَتِهِ، وَاشْتِهَارِ ثِقَتِهِ، وَعَدَالَتِهِ وَمُوَافَقَتِهِ لِرَأْيِ أَبِي هُرَيْرَةَ. وَقَالَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ: ذِكْرُ شَعْبَانَ فِيهِ مِنْ تَفْسِيرِ ابْنِ أَبِي إِيَاسٍ، وَلَيْسَ هُوَ بِيَوْمِ شَكٍّ كَمَا يَأْتِي.

(وَعَنْهُ: النَّاسُ تَبَعٌ لِلْإِمَامِ فَإِنْ صَامَ صَامُوا) وَإِنْ فطَرَ أَفْطَرُوا وُجُوبًا، وَهُوَ قَوْلُ

<<  <  ج: ص:  >  >>