للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جَامَعَ فَعَلَيْهِ كَفَّارَةٌ ثَانِيَةٌ، نَصَّ عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ كُلُّ مَنْ لَزِمَهُ الْإِمْسَاكُ إِذَا جَامَعَ.

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

الْأُولَى، لَمْ يَلْزَمْهُ بَدَلُهَا، وَأَجْزَأَتْهُ الثَّانِيَةُ عَنْهُمَا، وَلَوِ اسْتُحِقَّتِ الثَّانِيَةُ وَحْدَهَا لَزِمَهُ بَدَلُهَا، وَلَوِ اسْتُحِقَّتَا جَمِيعًا، أَجْزَأَهُ بَدَلُهَا رَقَبَةٌ وَاحِدَةٌ لِأَنَّ مَحَلَّ التَّدَاخُلِ وُجُودُ السَّبَبِ الثَّانِي قَبْلَ أَدَاءِ مُوجِبِ الْأَوَّلِ، وَنِيَّةُ التَّعْيِينِ لَا تُعْتَبَرُ فَتَلْغُو وَتَصِيرُ كُنْيَةً مُطْلَقَةً هَذَا قِيَاسُ مَذْهَبِنَا.

(وَإِنْ جَامَعَ ثُمَّ كَفَّرَ، ثُمَّ جَامَعَ) فِي يَوْمِهِ (فَعَلَيْهِ كَفَّارَةٌ ثَانِيَةٌ، نَصَّ عَلَيْهِ) فِي رِوَايَةِ حَنْبَلٍ، وَالْمَيْمُونِيِّ؛ لِأَنَّهُ وَطْءٌ مُحَرَّمٌ، وَقَدْ تَكَرَّرَ، فَتُكَرَّرُ هِيَ كَالْحَجِّ، بِخِلَافِ الْوَطْءِ لَيْلًا فَإِنَّهُ مُبَاحٌ، لَا يُقَالُ: الْوَطْءُ الأول تضمن هَتْكُ الصَّوْمِ، وَهُوَ مُؤَثِّرٌ فِي الْإِيجَابِ فَلَا يَصِحُّ الْقِيَاسُ؛ لِأَنَّهُ مُلْغًى بِمَنْ طَلَعَ عَلَيْهِ الْفَجْرُ، وَهُوَ مُجَامِعٌ فَاسْتَدَامَ، فَإِنَّهَا تَلْزَمُهُ مَعَ عَدَمِ الْهَتْكِ لَهُ، وَذَكَرَ الْحُلْوَانِيُّ رِوَايَةً: لَا كَفَّارَةَ، وَخَرَّجَهُ ابْنُ عَقِيلٍ مِنْ أَنَّ الشَّهْرَ عِبَادَةٌ وَاحِدَةٌ. وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ إِذَا لَمْ يُكَفِّرْ عَنِ الْأَوَّلِ فَإِنَّهُ تَكْفِيهِ وَاحِدَةٌ بِغَيْرِ خِلَافٍ، قَالَهُ فِي " الْمُغْنِي " وَ " الشَّرْحِ " وَفِي " الْفُرُوعِ " عَلَى الْأَصَحِّ، فَعَلَى الْأَوَّلِ تَعَدَّدَ الْوَاجِبُ، وَتَدَاخَلَ مُوجِبُهُ. ذَكَرَهُ صَاحِبُ " الْفُصُولِ " وَغَيْرُهُ، وَعَلَى الثَّانِي: لَمْ يَجِبْ بِغَيْرِ الْوَطْءِ الْأَوَّلِ شَيْءٌ.

(وَكَذَلِكَ كُلُّ مَنْ لَزِمَهُ الْإِمْسَاكُ إِذَا جَامَعَ) أَيْ: كَذَا حُكْمُ كُلِّ مُفْطِرٍ يَلْزَمُهُ الْإِمْسَاكُ كَمَنَ لَمْ يَعْلَمْ بِرُؤْيَةِ الْهِلَالِ إِلَّا بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ أَوْ نَسِيَ النِّيَّةَ، أَوْ أَكَلَ عَامِدًا، ثُمَّ جَامَعَ، فَتَجِبُ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ؛ لِهَتْكِهِ حُرْمَةَ الزَّمَنِ بِهِ، وَلِأَنَّهَا تَجِبُ عَلَى الْمُسْتَدِيمِ لِلْوَطْءِ، وَلَا صَوْمَ هُنَاكَ، فَكَذَا هُنَا، فَمُرَادُهُ بِالتَّشْبِيهِ وُجُوبُ الْكَفَّارَةِ لَا التَّكْرَارُ، لَكِنْ نَصَّ أَحْمَدُ فِي مُسَافِرٍ قَدِمَ مُفْطِرًا، ثُمَّ جَامَعَ لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ، وَحَمَلَهُ الْقَاضِي وَأَبُو الْخَطَّابِ عَلَى رِوَايَةٍ: لَا يَلْزَمُهُ الْإِمْسَاكُ، وَحَمَلَهُ الْمَجْدُ عَلَى ظَاهِرِهِ، وَهُوَ وَجْهٌ لِضَعْفِ هَذَا الْإِمْسَاكِ؛ لِأَنَّهُ سُنَّةٌ عِنْدَ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ، وَفِي تَعْلِيقِ الْقَاضِي وَجْهٌ فِيمَنْ تَرَكَ النِّيَّةَ وَجَامَعَ: لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ، وَإِنْ أَكَلَ نَاسِيًا، وَاعْتَقَدَ الْفِطْرَ بِهِ ثُمَّ جَامَعَ فَكَالنَّاسِي، وَالْمُخْطِئِ إِلَّا أَنْ يَعْتَقِدَ وُجُوبَ الْإِمْسَاكِ فَيُكَفِّرُ فِي الْأَشْهَرِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>