وَلَوْ جَامَعَ وَهُوَ صَحِيحٌ، ثُمَّ مَرِضَ أَوْ جُنَّ، أَوْ سَافَرَ، لَمْ تَسْقُطْ عَنْهُ وَإِنْ نَوَى الصَّوْمَ فِي سَفَرِهِ، ثُمَّ جَامَعَ لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ، وَعَنْهُ: عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ. وَلَا تَجِبُ الْكَفَّارَةُ بِغَيْرِ الْجِمَاعِ فِي صِيَامِ رَمَضَانَ.
وَالْكَفَّارَةُ عِتْقُ رَقَبَةٍ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
(وَلَوْ جَامَعَ وَهُوَ صَحِيحٌ، ثُمَّ مَرِضَ، أَوْ جُنَّ، أَوْ سَافَرَ، لَمْ تَسْقُطْ عَنْهُ) نَصَّ عَلَيْهِ فِيمَا إِذَا مَرِضَ لِأَمْرِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - الْأَعْرَابِيَّ بِالْكَفَّارَةِ. وَلَمْ يَسْأَلْهُ، وَلِأَنَّهُ أَفْسَدَ صَوْمًا وَاجِبًا مِنْ رَمَضَانَ بِجِمَاعٍ تَامٍّ، فَاسْتَقَرَّتْ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ كَمَا لَوْ لَمْ يَطْرَأِ الْعُذْرُ.
لَا يُقَالُ: تَبَيَّنَا أَنَّ الصَّوْمَ غَيْرُ مُسْتَحَقٍّ عِنْدَ الْجِمَاعِ لِأَنَّ الصَّادِقَ لَوْ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَيَمْرَضُ أَوْ يَمُوتُ لَمْ يَجُزِ الْفِطْرُ، وَالصَّوْمُ لَا تَتَحَرَّى صِحَّتُهُ، بَلْ لُزُومُهُ كَصَائِمٍ صَحَّ أَوْ أَقَامَ، وَحُكْمُ الْمَرْأَةِ كَذَلِكَ إِذَا حَاضَتْ أَوْ نُفِسَتْ، وَفِي " الِانْتِصَارِ " وَجْهٌ يَسْقُطُ بِهِمَا لِمَنْعِهِمَا الصِّحَّةَ، وَمِثْلُهُمَا مَوْتٌ، وَكَذَا جُنُونٌ إِنْ مَنَعَ طَرَيَانَهُ الصِّحَّةُ، (وَإِنْ نَوَى الصَّوْمَ فِي سَفَرِهِ) فَلَهُ الْفِطْرُ بِمَا شَاءَ لِفِطْرِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فِي الْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ، وَلِأَنَّ مَنْ لَهُ الْأَكْلُ لَهُ الْجِمَاعُ كَمَنْ لَمْ يَنْوِ (ثُمَّ جَامَعَ لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ) اخْتَارَهُ الْقَاضِي، وَأَكْثَرُ أَصْحَابِهِ، وَالْمُؤَلِّفُ؛ لِأَنَّهُ صَوْمٌ لَا يَلْزَمُ الْمُضِيُّ فِيهِ، فَلَمْ يَجِبْ كَالتَّطَوُّعِ لَكِنْ ذَكَرَ الْمُؤَلِّفُ وَغَيْرُهُ أَنَّهُ يُفْطِرُ بِنِيَّتِهِ الْفِطْرَ، فَيَقَعُ الْجِمَاعُ بَعْدَهُ، (وَعَنْهُ: عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ) جَزَمَ بِهَا بَعْضُهُمْ؛ لِأَنَّهُ أَفْطَرَ بِجِمَاعٍ، فَلَزِمَتْهُ كَالْحَاضِرِ، وَعَنْهُ: لَا يَجُوزُ لَهُ الْفِطْرُ بِالْجِمَاعِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَقْوَى عَلَى السَّفَرِ، وَفِي الْكَفَّارَةِ رِوَايَتَانِ، لَكِنْ لَهُ الْجِمَاعُ بَعْدَ فِطْرِهِ بِغَيْرِهِ كَفِطْرِهِ بِسَبَبٍ مُبَاحٍ، وَنُقِلَ مِنْهَا فِي الْمَرِيضِ: يُفْطِرُ بِأَكْلٍ فَقُلْتُ: يُجَامِعُ؛ قَالَ: لَا أَدْرِي.
(وَلَا تَجِبُ الْكَفَّارَةُ بِغَيْرِ الْجِمَاعِ فِي صِيَامِ رَمَضَانَ) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَرِدْ بِهِ نَصٌّ، وَغَيْرُهُ لَا يُسَاوِيهِ، وَحَكَى فِي " الرِّعَايَةِ " قَوْلًا فِي قَضَائِهِ إِذَا أَفْسَدَهُ؛ لِأَنَّهَا عِبَادَةٌ تَجِبُ الْكَفَّارَةُ فِي أَدَائِهَا، فَوَجَبَتْ فِي قَضَائِهَا كَالْحَجِّ.
وَجَوَابُهُ بِأَنَّهُ جَامَعَ فِي غَيْرِ رَمَضَانَ، فَلَمْ يَلْزَمْهُ كَالْكَفَّارَةِ، وَالْقَضَاءُ يُفَارِقُ الْأَدَاءَ؛
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute