ثُمَّ الْأَقْصَى فَإِذَا نَذَرَهُ فِي الْأَفْضَلِ لَمْ يُجْزِئْهُ فِي غَيْرِهِ، وَإِنْ نَذَرَهُ فِي غَيْرِهِ فَلَهُ فِعْلُهُ فِيهِ، وَإِنْ نَذَرَ اعْتِكَافَ شَهْرٍ بِعَيْنِهِ لَزِمَهُ الشُّرُوعُ فِيهِ قَبْلَ دُخُولِ لَيْلَتِهِ إِلَى انْقِضَائِهِ،
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: صَلَاةٌ فِي مَسْجِدِي هَذَا خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُ إِلَّا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، وَجُمَعُ: الْمَدِينَةِ أَفْضَلُ فَدَلَّ أَنَّ مَسْجِدَهَا أَفْضَلُ، وَقَالَ فِي رِوَايَةِ ابْنِ أَشْهَبَ: إِنَّ مَعْنَى الْحَدِيثِ أَنَّ الصَّلَاةَ فِي مَسْجِدِ الرَّسُولِ أَفْضَلُ مِنْ سَائِرِ الْمَسَاجِدِ بِأَلْفِ صَلَاةٍ إِلَّا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ فَإِنَّ الصَّلَاةَ فِي مَسْجِدِ الرَّسُولِ أَفْضَلُ مِنَ الصَّلَاةِ فِيهِ بِدُونِ الْأَلْفِ.
وَجَوَابُهُ: رِوَايَةُ أَحْمَدَ السَّابِقَةُ، وَيُسْتَثْنَى مِنْهُ مَوْضِعُ قَبْرِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فَإِنَّهُ أَفْضَلُ بِقَاعِ الْأَرْضِ، (ثُمَّ الْأَقْصَى) لِمَا رَوَى أَبُو الدَّرْدَاءِ مَرْفُوعًا قَالَ: «صَلَاةٌ فِي الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى بِخَمْسِمِائَةِ صَلَاةٍ» وَفِي حَدِيثِ أَبِي الْمُهَاجِرِ نَحْوُهُ فَإِذَا نَذَرَهُ فِي الْأَفْضَلِ كَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ (لَمْ يُجْزِئْهُ) فِي (غَيْرِهِ) ؛ لِأَنَّهُ أَفْضَلُهَا احْتَجَّ بِهِ الْإِمَامُ وَالْأَصْحَابُ، وَإِنْ نَذَرَهُ فِي غَيْرِهِ فَلَهُ فِعْلُهُ فِيهِ أَيْ: إِذَا نَذَرَهُ فِي مَسْجِدِ الرَّسُولِ أَوِ الْأَقْصَى فَلَهُ فِعْلُهُ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ؛ لِأَفْضَلِيَّتِهِ، وَإِنْ نَذَرَهُ فِي مَسْجِدِ الرَّسُولِ لَمْ يُجْزِئْهُ غَيْرُهُ إِلَّا الْمَسْجِدُ الْحَرَامُ، وَإِذَا عَيَّنَ الْأَقْصَى أَجْزَأَهُ الْمَسْجِدَانِ فَقَطْ نَصَّ عَلَيْهِ لِأَفْضَلِيَّتِهِمَا عَلَيْهِ، وَيُسْتَثْنَى مِنْهُ مَا إِذَا نَذَرَ الِاعْتِكَافَ فِي هَذِهِ الْمَسَاجِدِ فَدَخَلَ فِيهِ، ثُمَّ انْهَدَمَ مُعْتَكَفُهُ، وَالْعِيَاذُ بِاللَّهِ - تَعَالَى -، وَلَمْ يُمْكِنْهُ الْمَقَامُ فِيهِ، أَتَمَّهُ فِي غَيْرِهِ لُزُومًا، وَلَمْ يَبْطُلِ اعْتِكَافُهُ، ذَكَرَهُ فِي " الشَّرْحِ ".
(وَإِنْ نَذَرَ اعْتِكَافَ شَهْرٍ بِعَيْنِهِ) تَعَيَّنَ عَلَيْهِ وَ (لَزِمَهُ الشُّرُوعُ فِيهِ قَبْلَ دُخُولِ لَيْلَتِهِ) أَيْ: قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ، نَصَّ عَلَيْهِ، إِذِ الشَّهْرُ يَدْخُلُ بِدُخُولِ اللَّيْلَةِ بِدَلِيلِ تَرَتُّبِ الْأَحْكَامِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute