وَخَادِمٍ وَقَضَاءِ دَيْنِهِ؛ وَمُؤْنَتِهِ، وَمُؤْنَةِ عِيَالِهِ عَلَى الدَّوَامِ، وَلَا يَصِيرُ مُسْتَطِيعًا بِبَذْلِ غَيْرِهِ بِحَالٍ، فَمَنْ كَمُلَتْ لَهُ هَذِهِ الشُّرُوطُ، وَجَبَ عَلَيْهِ الْحَجُّ عَلَى الْفَوْرِ،
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
أَنْ يَكُونَ حَالًّا أَوْ مُؤَجَّلًا لِلَّهِ - تَعَالَى - أَوْ لِآدَمِيٍّ (وَمُؤْنَتِهِ) لِقَوْلِهِ: «ابْدَأْ بِنَفْسِكَ» ، (وَمُؤْنَةِ عِيَالِهِ) الَّذِينَ تَلْزَمُهُ مُؤْنَتُهُمْ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مُقَدَّمٌ عَلَى الدَّيْنِ فَلَأَنْ يُقَدَّمَ عَلَى الْحَجِّ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى، وَلِتَأَكُّدِ حَقِّهِمْ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «كَفَى بِالْمَرْءِ إِثْمًا أَنْ يُضَيِّعَ مَنْ يَقُوتُ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ.
(عَلَى الدَّوَامِ) وَهُوَ مَعْنَى مَا فِي " الْمُحَرَّرِ ": وَكِفَايَةٌ دَائِمَةٌ لَهُ، وَلِأَهْلِهِ، فَظَاهِرُهُ أَنَّهُ قَصَدَ النَّفَقَةَ عَلَيْهِ، وَعَلَى عِيَالِهِ إِلَى أَنْ يَعُودَ وَيَبْقَى لَهُ إِذَا رَجَعَ مَا يَقُومُ بِكِفَايَتِهِ وَكِفَايَةِ عَائِلَتِهِ عَلَى الدَّوَامِ مِنْ عَقَارٍ، أَوْ بِضَاعَةٍ، أَوْ صِنَاعَةٍ. جَزَمَ بِهِ فِي " الْهِدَايَةِ " وَ " مُنْتَهَى الْغَايَةِ " وَقَدَّمَهُ فِي " الْفُرُوعِ " لِتَضَرُّرِهِ بِذَلِكَ، وَكَالْمُفْلِسِ، وَفِي " الْكَافِي " وَ " الرَّوْضَةِ " إِلَى أَنْ يَعُودَ، وَقَدَّمَهُ فِي " الرِّعَايَةِ " فَيَتَوَجَّهُ أَنَّ الْمُفْلِسَ مِثْلُهُ وَأَوْلَى، وَلَمْ يَتَعَرَّضْ فِي " الشَّرْحِ " إِلَى هَذَا وَهُوَ غَرِيبٌ مِنْهُ.
فَرْعٌ: إِذَا خَافَ الْعَنَتَ قَدَّمَ النِّكَاحَ عَلَيْهِ لِوُجُوبِهِ إِذَنْ، وَلِحَاجَتِهِ إِلَيْهِ، وَقِيلَ: يُقَدَّمُ الْحَجُّ كَمَا لَوْ لَمْ يَخَفْهُ، وَلِأَنَّهُ أَهَمُّ الْوَاجِبَيْنِ، وَيُمْكِنُ تَحْصِيلُ مَصَالِحِهِ بَعْدَ إِحْرَازِ الْحَجِّ.
١ -
(وَلَا يَصِيرُ مُسْتَطِيعًا بِبَذْلِ غَيْرِهِ بِحَالٍ) لِمَا سَبَقَ فِي الِاسْتِطَاعَةِ، وَكَالْبَذْلِ فِي الزَّكَاةِ، وَلَا يَلْزَمُهُ قَبُولُ مَا بُذِلَ لَهُ سَوَاءٌ كَانَ الزَّادَ وَالرَّاحِلَةَ، أَوِ الْمَالَ لِمَا فِيهِ مِنَ الْمِنَّةِ كَبَذْلِ الرَّقَبَةِ فِي الْكَفَّارَةِ. قَالَ فِي " الْفُرُوعِ ": لَا يَمْلِكُ، وَلَا يَجِبُ، بِخِلَافِ الْحَجِّ، وَلَا فَرْقَ فِي الْبَاذِلِ أَنْ يَكُونَ أَجْنَبِيًّا أَوْ قَرِيبًا حَتَّى الِابْنَ (فَمَنْ كَمُلَتْ لَهُ هَذِهِ الشُّرُوطُ، وَجَبَ عَلَيْهِ الْحَجُّ) وَلَمْ يَجُزْ لَهُ تَأْخِيرُهُ، وَيَأْتِي بِهِ (عَلَى الْفَوْرِ) نَصَّ عَلَيْهِ لِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute