للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

«تَعَجَّلُوا إِلَى الْحَجِّ» ؛ يَعْنِي الْفَرِيضَةَ، وَحَدِيثِ الْفَضْلِ «مَنْ أَرَادَ الْحَجَّ فَلْيَتَعَجَّلْ» رَوَاهُمَا أَحْمَدُ، وَعَنْ عَلِيٍّ مَرْفُوعًا «مَنْ مَلَكَ زَادًا وَرَاحِلَةً تُبَلِّغُهُ إِلَى بَيْتِ اللَّهِ وَلَمْ يَحُجَّ فَلَا عَلَيْهِ أَنْ يَمُوتَ يَهُودِيًّا أَوْ نَصْرَانِيًّا» . رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ، وَفِي إِسْنَادِهِ مَقَالٌ، وَلِأَنَّهُ أَحَدُ أَرْكَانِ الْإِسْلَامِ فَكَانَ وَاجِبًا عَلَى الْفَوْرِ كَالصِّيَامِ إِذْ لَوْ مَاتَ مَاتَ عَاصِيًا، وَهُوَ الْأَصَحُّ لِلشَّافِعِيَّةِ، وَقِيلَ: لَا، وَقِيلَ: لَا فِي الشَّابِّ، وَكَذَا الْخِلَافُ لَهُمْ فِي صَحِيحٍ لَمْ يَحُجَّ حَتَّى زَمِنَ، وَذَكَرَ ابْنُ أَبِي مُوسَى وَجْهًا، وَذَكَرَهُ ابْنُ حَامِدٍ رِوَايَةً أَنَّهُ يَجِبُ مُوَسَّعًا، وَلَهُ تَأْخِيرُهُ زَادَ الْمَجْدُ: مَعَ الْعَزْمِ عَلَى فِعْلِهِ فِي الْجُمْلَةِ؛ «لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَمَّرَ أَبَا بَكْرٍ عَلَى الْحَجِّ وَتَخَلَّفَ بِالْمَدِينَةِ غَيْرَ مُحَارِبٍ وَلَا مَشْغُولٍ بِشَيْءٍ، وَتَخَلَّفَ أَكْثَرُ الْمُسْلِمِينَ مَعَ قُدْرَتِهِمْ عَلَيْهِ» ، وَلِأَنَّهُ لَوْ أَخَّرَهُ لَمْ يُسَمَّ قَضَاءً، وَالْأَوَّلُ هُوَ الْمَنْصُورُ؛ لِأَنَّ وُجُوبَهُ بِصِفَةِ الْمُوَسَّعِ يُخْرِجُهُ عَنْ رُتْبَةِ الْوَاجِبَاتِ لِتَأْخِيرِهِ إِلَى غَيْرِ غَايَةٍ، وَيُسَمَّى قَضَاءً فِيهِ، وَفِي الزَّكَاةِ، وَذَكَرَهُ فِي " الرِّعَايَةِ " وَجْهًا، ثُمَّ بَطَلَ بِمَا إِذَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ لَا يَعِيشُ إِلَى سَنَةٍ أُخْرَى، وَلَا يَجُوزُ لَهُ تَأْخِيرُهُ، وَإِذًا لَا يُسَمَّى قَضَاءً، وَقِيلَ: إِنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لَمْ يُؤَخِّرْهُ؛ لِأَنَّهُ فُرِضَ سَنَةَ عَشْرٍ، وَالْأَشْهَرُ: سَنَةَ تِسْعٍ فَقِيلَ أَخَّرَهُ لِعَدَمِ الِاسْتِطَاعَةِ، وَفِيهِ نَظَرٌ، وَقِيلَ: لِرُؤْيَةِ الْمُشْرِكِينَ حَوْلَ الْبَيْتِ عُرَاةً، وَقِيلَ: بِأَمْرِ اللَّهِ - تَعَالَى - لِتَكُونَ حَجَّتُهُ حَجَّةَ الْوَدَاعِ فِي السَّنَةِ الَّتِي اسْتَدَارَ الزَّمَانُ فِيهَا كَهَيْئَتِهِ، وَتَتَعَلَّمَ مِنْهُ أُمَّتُهُ الْمَنَاسِكَ الَّتِي اسْتَقَرَّ أَمْرُهُ عَلَيْهَا، وَيُصَادِفَ وَقْفَةَ الْجُمُعَةِ، وَيُكْمِلَ اللَّهُ دِينَهُ، وَيُقَالُ: اجْتَمَعَ

<<  <  ج: ص:  >  >>