فَإِنْ عَجَزَ عَنِ السَّعْيِ إِلَيْهِ لِكِبَرٍ، أَوْ مَرَضٍ لَا يُرْجَى بُرْؤُهُ، لَزِمَهُ أَنْ يُقِيمَ مَنْ يَحُجُّ عَنْهُ وَيَعْتَمِرَ مِنْ بَلَدِهِ، وَقَدْ أَجْزَأَ عَنْهُ، وَإِنْ عُوفِيَ. وَمَنْ أَمْكَنَهُ السَّعْيُ إِلَيْهِ لَزِمَهُ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
يَوْمَئِذٍ أَعْيَادُ أَهْلِ كُلِّ دِينٍ، وَلَمْ تَجْتَمِعْ قَبْلَهُ، وَلَا بَعْدَهُ.
فَإِنْ عَجَزَ عَنِ السَّعْيِ إِلَيْهِ أَيْ: إِلَى الْحَجِّ (لِكِبَرٍ أَوْ مَرَضٍ لَا يُرْجَى بُرْؤُهُ) كَزَمَانَةٍ، وَنَحْوِهَا (لَزِمَهُ) عَلَى (الْفَوْرِ أَنْ يُقِيمَ مَنْ يَحُجُّ عَنْهُ وَيَعْتَمِرُ) لِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ «إِنَّ امْرَأَةً مِنْ خَثْعَمٍ قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَبِي أَدْرَكَتْهُ فَرِيضَةُ اللَّهِ الْحَجُّ شَيْخًا كَبِيرًا لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَسْتَوِيَ عَلَى الرَّاحِلَةِ أَفَأَحُجُّ عَنْهُ؟ قَالَ: حُجِّي عَنْهُ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. زَادَ فِي " الْمُغْنِي " وَ " الشَّرْحِ " لَوْ كَانَ نَضْوَ الْخَلْقِ لَا يَقْدِرُ عَلَى الثُّبُوتِ عَلَى الرَّاحِلَةِ إِلَّا بِمَشَقَّةٍ غَيْرِ مُحْتَمَلَةٍ يُؤَيِّدُهُ قَوْلُ أَحْمَدَ فِي الْمَرْأَةِ إِذَا كَانَتْ ثَقِيلَةً لَا يَقْدِرُ مِثْلُهَا يَرْكَبُ إِلَّا بِمَشَقَّةٍ شَدِيدَةٍ، وَأَطْلَقَ أَبُو الْخَطَّابِ، وَجَمَاعَةٌ عَدَمَ الْقُدْرَةِ، وَيُسَمَّى: الْمَعْضُوبَ؛ لِأَنَّهُ عِبَادَةٌ تَجِبُ الْكَفَّارَةُ بِإِفْسَادِهَا، فَجَازَ أَنْ يَقُومَ غَيْرُهُ فِيهِ كَالصَّوْمِ، وَشَرْطُهُ الِاسْتِطَاعَةُ، وَسَوَاءٌ وَجَبَ عَلَيْهِ حَالَ الْعَجْزِ أَوْ قَبْلَهُ. وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ اتِّحَادُ النَّوْعِ بَلْ تَنُوبُ امْرَأَةٌ عَنْ رَجُلٍ وَعَكْسُهُ، وَلَا كَرَاهِيَةَ فِي نِيَابَتِهَا عَنْهُ، وَفِيهِ احْتِمَالٌ لِفَوَاتِ رَمَلٍ وَحَلْقٍ وَرَفْعِ صَوْتِهِ بِالتَّلْبِيَةِ، وَأَضْعَفُ مِنْهُ قَوْلُ النَّخَعِيِّ وَابْنِ أَبِي ذِئْبٍ: لَا يَحُجُّ أَحَدٌ عَنْ أَحَدٍ (مِنْ بَلَدِهِ) أَوْ مِنَ الْمَوْضِعِ الَّذِي أَيْسَرَ فِيهِ، كَالِاسْتِنَابَةِ عَنِ الْمَيِّتِ؛ لِأَنَّهُ وَجَبَ عَلَى الْمُسْتَنِيبِ كَذَلِكَ، فَكَذَا النَّائِمُ كَقَضَاءِ الصَّوْمِ، وَيُعْتَبَرُ أَنْ يَجِدَ مَالًا فَاضِلًا عَنْ حَاجَتِهِ الْمُعْتَبَرَةِ، وَافِيًا بِنَفَقَةِ رَاكِبٍ، فَإِنْ وَجَدَ نَفَقَةَ رَاجِلٍ، لَمْ يَلْزَمْهُ فِي الْأَصَحِّ، وَإِنْ وَجَدَ مَالًا وَلَمْ يَجِدْ نَائِبًا، فَعَلَى الْخِلَافِ فِي إِمْكَانِ الْمَسِيرِ هَلْ هُوَ شَرْطٌ لِلْوُجُوبِ أَوْ لِلُزُومِ الْأَدَاءِ؛ فَقِيَاسُ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يَسْقُطُ، وَعَلَى الثَّانِي: يَثْبُتُ الْحَجُّ فِي ذِمَّتِهِ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ مَالًا يَسْتَنِيبُ بِهِ، فَلَا حَجَّ عَلَيْهِ بِغَيْرِ خِلَافٍ، (وَقَدْ أَجْزَأَ عَنْهُ) أَيْ: عَنِ الْمَعْضُوبِ، (وَإِنْ عُوفِيَ) نَصَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ أُتِيَ بِمَا أَمَرَ بِهِ فَخَرَجَ عَنِ الْعُهْدَةِ كَمَا لَوْ لَمْ يَبْرَأْ، وَسَوَاءٌ عُوفِيَ بَعْدَ فَرَاغِ النَّائِبِ أَوْ قَبْلَ فَرَاغِهِ فِي الْأَصَحِّ فِيهِ كَالْمُتَمَتِّعِ إِذَا شَرَعَ فِي الصَّوْمِ، ثُمَّ قَدَرَ عَلَى الْهَدْيِ، وَالثَّانِي لَا يُجْزِئُهُ، وَهُوَ الْأَظْهَرُ عِنْدَ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute