للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذَلِكَ إِذَا كَانَ فِي وَقْتِ الْمَسِيرِ وَوَجَدَ طَرِيقًا آمِنًا لَا خِفَارَةَ فِيهِ، وَيُوجَدُ فِيهِ الْمَاءُ وَالْعَلَفُ عَلَى الْمُعْتَادِ. وَعَنْهُ: أَنَّ إِمْكَانَ الْمَسِيرِ، وَتَخْلِيَةَ الطَّرِيقِ مِنْ شَرَائِطِ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

كَالْمُتَيَمِّمِ إِذَا، وَجَدَ الْمَاءَ فِي الصَّلَاةِ، أَمَّا إِذَا حَصَلَ الْبُرْءُ قَبْلَ إِحْرَامِ النَّائِبِ فَإِنَّهُ لَا يُجْزِئُهُ اتِّفَاقًا؛ لِلْقُدْرَةِ عَلَى الْمُبْدَلِ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي الْبَدَلِ كَالْمُتَيَمِّمِ. وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْمَرِيضَ الْمَرْجُوَّ بُرْؤُهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَنِيبَ كَالْمَحْبُوسِ.

(وَمَنْ أَمْكَنَهُ السَّعْيُ إِلَيْهِ) أَيْ: إِلَى الْوَاجِبِ مِنَ الْحَجِّ، وَالْعُمْرَةِ (لَزِمَهُ ذَلِكَ) ؛ لِأَنَّ مَا لَا يَتِمُّ الْوَاجِبُ إِلَّا بِهِ وَاجِبٌ، كَالسَّعْيِ إِلَى الْجُمُعَةِ (إِذَا كَانَ فِي وَقْتِ الْمَسِيرِ) أَيْ: يَكُونُ الْوَقْتُ مُتَّسِعًا لِلْخُرُوجِ إِلَيْهِ بِحَيْثُ يُمْكِنُهُ الْمَسِيرُ بِمَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ، فَلَوْ أَمْكَنَهُ أَنْ يَسِيرَ سَيْرًا يُجَاوِزُ الْعَادَةَ لَمْ يَلْزَمْهُ (وَوَجَدَ طَرِيقًا آمِنًا) ؛ لِأَنَّ فِي الْمَلْزُومِ بِدُونِهِ ضَرَرًا، وَهُوَ مَنْفِيٌّ شَرْعًا، وَسَوَاءٌ كَانَ قَرِيبًا، أَوْ بَعِيدًا، وَلَوْ غَيْرَ الطَّرِيقِ الْمُعْتَادِ بَرًّا كَانَ أَوْ بَحْرًا غَالِبُهُ السَّلَامَةُ لِحَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ «وَلَا يَرْكَبُ الْبَحْرَ إِلَّا حَاجٌّ أَوْ مُعْتَمِرٌ، أَوْ غَازٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَفِيهِ مَقَالٌ، وَلِأَنَّهُ يَجُوزُ سُلُوكُهُ بِأَمْوَالِ الْيَتَامَى أَشْبَهَ الْبَرَّ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ غَالِبٌ فَخِلَافٌ، وَخَرَّجَهُ فِي " مُنْتَهَى الْغَايَةِ " عَلَى الْخِلَافِ فِيمَا إِذَا اسْتَوَى الْحَرِيرُ، وَالْكَتَّانُ، أَمَّا إِذَا غَلَبَ الْهَلَاكُ، لَمْ يَلْزَمْهُ سُلُوكُهُ، وَذَكَرَهُ الْمَجْدُ إِجْمَاعًا فِي الْبَحْرِ (لَا خِفَارَةَ فِيهِ) وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَتْ يَسِيرَةً، ذَكَرَهُ الْجُمْهُورُ؛ لِأَنَّهَا رِشْوَةٌ فَلَمْ يَلْزَمْ بَذْلُهَا فِي الْعِبَادَةِ، (وَيُوجَدُ فِيهِ) أَيْ: فِي الطَّرِيقِ (الْمَاءُ وَالْعَلَفُ عَلَى الْمُعْتَادِ) أَيْ: يَجِدُ ذَلِكَ فِي الْمَنَازِلِ الَّتِي يَنْزِلُهَا؛ لِأَنَّهُ لَوْ كُلِّفَ حَمْلَ مَائِهِ، وَعَلَفِ بَهَائِمِهِ مِنْ مَوْضِعِهِ إِلَى مَكَّةَ لَأَدَّى إِلَى مَشَقَّةٍ عَظِيمَةٍ، وَلِأَنَّهُ مُتَعَذِّرُ الْإِمْكَانِ، بِخِلَافِ زَادِ نَفْسِهِ، فَإِنَّهُ يُمْكِنُ حَمْلُهُ.

فَعَلَى هَذَا يَجِبُ حَمْلُ الْمَاءِ مِنْ مَنْهَلٍ إِلَى مَنْهَلٍ، وَحَمْلُ الْكَلَأِ مِنْ مَوْضِعٍ إِلَى مَوْضِعٍ (وَعَنْهُ: أَنَّ إِمْكَانَ الْمَسِيرِ وَتَخْلِيَةَ الطَّرِيقِ) مِنْ عُذْرٍ (مِنْ شَرَائِطِ الْوُجُوبِ وَقَالَهُ جَمَاعَةٌ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُسْتَطِيعٍ، وَلِتَعَذُّرِ فِعْلِ الْحَجِّ مَعَهُ؛ لِعَدَمِ الزَّادِ وَالرَّاحِلَةِ، وَظَهَرَ أَنَّ الْمَذْهَبَ أَنَّ أَمْنَ الطَّرِيقِ وَسِعَةَ الْوَقْتِ مِنْ شَرَائِطِ لُزُومِ الْأَدَاءِ، اخْتَارَهُ أَكْثَرُ أَصْحَابِنَا؛ لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فَسَّرَ السَّبِيلَ بِالزَّادِ وَالرَّاحِلَةِ، وَلِأَنَّ إِمْكَانَ الْأَدَاءِ لَيْسَ شَرْطًا فِي وُجُوبِ

<<  <  ج: ص:  >  >>