الْوُجُوبِ. وَقَالَ ابْنُ حَامِدٍ: إِنْ كَانَتِ الْخِفَارَةُ لَا تُجْحِفُ بِمَالِهِ لَزِمَهُ بَذْلُهَا وَمَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْحَجُّ فَتُوُفِّيَ قَبْلَهُ، أُخْرِجَ عَنْهُ مِنْ جَمِيعِ مَالِهِ حَجَّةً وَعُمْرَةً، فَإِنْ ضَاقَ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
الْعِبَادَةِ بِدَلِيلِ مَا لَوْ زَالَ الْمَانِعُ، وَلَمْ يَبْقَ مِنْ وَقْتِ الصَّلَاةِ مَا يُمْكِنُ الْأَدَاءُ فِيهِ، وَلِأَنَّهُ يَتَعَذَّرُ الْأَدَاءُ دُونَ الْقَضَاءِ، كَالْمَرَضِ الْمَرْجُوِّ بُرْؤُهُ، وَعَدَمُ الزَّادِ وَالرَّاحِلَةِ يَتَعَذَّرُ مَعَهُ الْجَمِيعُ.
فَعَلَى هَذَا: هَلْ يَأْثَمُ إِنْ لَمْ يَعْزِمْ عَلَى الْفِعْلِ؛ يَتَوَجَّهُ الْخِلَافُ فِي الصَّلَاةِ.
(وَقَالَ ابْنُ حَامِدٍ: إِنْ كَانَتِ الْخِفَارَةُ لَا تُجْحِفُ بِمَالِهِ، لَزِمَهُ بَذْلُهَا) ؛ لِأَنَّهَا غَرَامَةٌ يَقِفُ إِمْكَانُ الْحَجِّ عَلَى بَذْلِهَا، فَلَمْ يُمْنَعِ الْوُجُوبُ مَعَ إِمْكَانِ بَذْلِهَا كَثَمَنِ الْمَاءِ، وَقَيَّدَهُ فِي " الْمُحَرَّرِ " عَنْهُ بِالْيَسِيرَةِ، وَجَوَّزَهَا الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ عِنْدَ الْحَاجَةِ إِلَيْهَا فِي الدَّفْعِ عَنِ الْمُخْفَرِ، وَلَا يَجُوزُ مَعَ عَدَمِهَا كَمَا يَأْخُذُهُ السُّلْطَانُ مِنَ الرَّعَايَا (وَمَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْحَجُّ فَتُوُفِّيَ قَبْلَهُ) وَجَبَ قَضَاؤُهُ، (وَأُخْرِجَ عَنْهُ مِنْ جَمِيعِ مَالِهِ حَجَّةٌ وَعُمْرَةٌ) وَإِنْ لَمْ يُوصِ بِهِ، لِمَا رَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ «أَنَّ امْرَأَةً قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْ أُمِّي نَذَرَتْ أَنْ تَحُجَّ فَلَمْ تَحُجَّ حَتَّى مَاتَتْ أَفَأَحُجُّ عَنْهَا قَالَ: نَعَمْ حُجِّي عَنْهَا أَرَأَيْتِ لَوْ كَانَ عَلَى أُمِّكِ دَيْنٌ أَكُنْتِ قَاضِيَتَهُ؟ اقْضُوا اللَّهَ، فَاللَّهُ أَحَقُّ بِالْوَفَاءِ» . رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، وَلِأَنَّهُ حَقٌّ اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ فَلَمْ يَسْقُطْ بِمَوْتِهِ كَالدَّيْنِ، وَيَكُونُ مِنْ جَمِيعِ مَالِهِ؛ لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - شَبَّهَهُ بِالدَّيْنِ فَوَجَبَ مُسَاوَاتُهُ لَهُ، وَسَوَاءٌ فَرَّطَ بِالتَّأْخِيرِ أَوْ لَا. وَظَاهِرُهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْوَاجِبِ، وَأَصْلِ الشَّرْعِ أَوْ بِإِيجَابِ نَفْسِهِ، وَيَخْرُجُ عَنْهُ مِنْ حَيْثُ وَجَبَ، نَصَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْقَضَاءَ بِصِفَةِ الْأَدَاءِ كَالصَّلَاةِ، وَيُسْتَنَابُ مِنْ أَقْرَبِ، وَطَنِهِ لِيَتَخَيَّرَ الْمَنُوبَ عَنْهُ، فَإِنْ لَزِمَهُ بِخُرَاسَانَ فَمَاتَ بِبَغْدَادَ أَوْ بِالْعَكْسِ فَقَالَ: أَحْمَدُ يَحُجُّ عَنْهُ مِنْ حَيْثُ وَجَبَ عَلَيْهِ، لَا مِنْ حَيْثُ مَوْتِهِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَحُجَّ عَنْهُ مِنْ أَقْرَبِ الْمَكَانَيْنِ، وَيُجْزِئُ دُونَ الْوَاجِبِ إِذَا كَانَ دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ؛ لِأَنَّهُ كَحَاضِرٍ، وَإِلَّا لَمْ يُجْزِئْهُ؛ لِأَنَّهُ لم يكْمل الْوَاجِبَ، وَقِيلَ: يُجْزِئُهُ كَمَنْ أَحْرَمَ دُونَ مِيقَاتٍ، وَقِيلَ: يُجْزِئُ بِحَجٍّ عَنْهُ مِنْ مِيقَاتِهِ، لَا مِنْ حَيْثُ وَجَبَ، وَعَلَى كُلِّ حَالٍ يَقَعُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute