الْمَحْرَمَ مِنْ شَرَائِطِ لُزُومِ الْأَدَاءِ. وَإِنْ مَاتَ الْمَحْرَمُ فِي الطَّرِيقِ، مَضَتْ فِي حَجِّهَا، وَلَمْ تَصِرْ مُحْصَرَةً، وَلَا يَجُوزُ لِمَنْ لَمْ يَحُجَّ عَنْ نَفْسِهِ أَنْ يَحُجَّ عَنْ غَيْرِهِ، وَلَا نَذْرٌ وَلَا نَافِلَةٌ،
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
وَيَتَوَجَّهُ كَنَفَقَتِهِ كَمَا ذَكَرُوهُ فِي التَّغْرِيبِ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَوْ تَبَرَّعَ لَمْ يَلْزَمْهَا لِلْمِنَّةِ، (وَعَنْهُ: أَنَّ الْمَحْرَمَ مِنْ شَرَائِطِ لُزُومِ الْأَدَاءِ) كَإِمْكَانِ الْمَسِيرِ، وَتَخْلِيَةِ الطَّرِيقِ، وَلِوُجُودِ السَّبَبِ فَهُوَ كَسَلَامَتِهَا مِنْ مَرَضٍ، فَعَلَى هَذَا يَحُجُّ عَنْهَا كَمَوْتٍ أَوْ مَرَضٍ لَا يُرْجَى بُرْؤُهُ، وَيَلْزَمُهَا أَنْ تُوصِيَ بِهِ. وَظَاهِرُ الْخِرَقِيِّ: أَنَّ الْمَحْرَمَ شَرْطٌ لِلْوُجُوبِ دُونَ أَمْنِ الطَّرِيقِ، وَسِعَةِ الْوَقْتِ، وَقَدَّمَهُ الْمُؤَلِّفُ وَغَيْرُهُ، وَشَرْطُهَا فِي " الْهِدَايَةِ " لِلْوُجُوبِ قَالَ الْمَجْدُ: وَالتَّفْرِقَةُ عَلَى كِلَا الطَّرِيقَيْنِ مُشْكِلَةٌ، وَالصَّحِيحُ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ هَذِهِ الشُّرُوطِ إِمَّا نَفْيًا، وَإِمَّا إِثْبَاتًا.
فَرْعٌ: إِذَا حَجَّتْ بِغَيْرِ مَحْرَمٍ حَرُمَ، وَأَجْزَأَ كَمَا لَوْ تَرَكَ حَقًّا يَلْزَمُهُ مِنْ دَيْنٍ أَوْ غَيْرِهِ لِتَعَلُّقِهِ بِذِمَّتِهِ، وَيَصِحُّ مِنْ مَعْضُوبٍ، وَأَجِيرِ خِدْمَةٍ بِأُجْرَةٍ أَوَّلًا، وَتَاجِرٍ وَلَا إِثْمَ، نَصَّ عَلَى ذَلِكَ.
١ -
(وَإِنْ مَاتَ الْمَحْرَمُ فِي الطَّرِيقِ، مَضَتْ فِي حَجِّهَا) ؛ لِأَنَّهَا لَا تَسْتَفِيدُ بِالرُّجُوعِ لِكَوْنِهِ بِغَيْرِ مَحْرَمٍ، وَمَحَلُّهُ إِذَا تَبَاعَدَتْ فَإِنْ كَانَ تَطَوُّعًا، وَأَمْكَنَهَا الْإِقَامَةُ بِبَلَدٍ، فَهُوَ أَوْلَى مِنَ السَّفَرِ بِغَيْرِ مَحْرَمٍ، وَإِنْ مَاتَ وَهِيَ قَرِيبَةٌ رَجَعَتْ لِتَقْضِيَ الْعِدَّةَ فِي مَنْزِلِهَا؛ لِأَنَّهَا فِي حُكْمِ الْمُقِيمِ، ذَكَرَهُ فِي " الشَّرْحِ " (وَلَمْ تَصِرْ مُحْصَرَةً) ؛ لِأَنَّهَا لَا تَسْتَفِيدُ بِالتَّحَلُّلِ زَوَالَ مَا بِهَا كَالْمَرِيضِ، (وَلَا يَجُوزُ لِمَنْ لَمْ يَحُجَّ عَنْ نَفْسِهِ أَنْ يَحُجَّ عَنْ غَيْرِهِ) فِي الصَّحِيحِ لِحَدِيثِ عَبْدَةَ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنِ ابْنِ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ عَزْرَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَمِعَ رَجُلًا يَقُولُ: لَبَّيْكَ عَنْ شُبْرُمَةَ قَالَ: حَجَجْتَ عَنْ نَفْسِكَ؟ قَالَ: لَا، قَالَ: حُجَّ عَنْ نَفْسِكَ، ثُمَّ حُجَّ عَنْ شُبْرُمَةَ» احْتَجَّ بِهِ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ صَالِحٍ، وَإِسْنَادُهُ جَيِّدٌ، وَصَحَّحَهُ الْبَيْهَقِيُّ، وَلِأَنَّهُ حَجَّ عَنْ غَيْرِهِ قَبْلَ حَجِّهِ عَنْ نَفْسِهِ فَلَمْ يَجُزْ كَمَا لَوْ كَانَ حَيًّا (وَلَا نَذْرٌ وَلَا نَافِلَةٌ) أَيْ: لَا يَجُوزُ أَنْ يُحْرِمَ بِنَذْرٍ ولا نافلة من عليه حجة الإسلام (فَإِنْ فَعَلَ انْصَرَفَ إِلَى حَجَّةِ الْإِسْلَامِ) فِي الصُّوَرِ كُلِّهَا فِي اخْتِيَارِ الْأَكْثَرِ لِمَا رَوَى الدَّارَقُطْنِيُّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute