للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَإِنْ فَعَلَ، انْصَرَفَ إِلَى حَجَّةِ الْإِسْلَامِ، وَعَنْهُ: يَقَعُ مَا نَوَاهُ. وَهَلْ يَجُوزُ لِمَنْ تَعَذَّرَ عَلَيْهِ الْحَجُّ بِنَفْسِهِ أَنْ يَسْتَنِيبَ فِي حَجِّ التَّطَوُّعِ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ.

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

بِإِسْنَادٍ ضَعِيفٍ «هَذِهِ عَنْكَ وَحُجَّ عَنْ شُبْرُمَةَ» وَقَوْلُهُ أَوَّلًا «حُجَّ عَنْ نَفْسِكَ» أَيِ: اسْتَدِمْهُ، كَقَوْلِكَ لِلْمُؤْمِنِ: آمِنْ، وَلِأَنَّ نِيَّةَ التَّعْيِينِ مُلْغَاةٌ فَيَصِيرُ كَمَا لَوْ أَحْرَمَ مُطْلَقًا، وَقَالَ أَبُو حَفْصٍ الْعُكْبَرِيُّ: يَنْعَقِدُ عَنِ الْمَحْجُوجِ عَنْهُ، ثُمَّ يَقْلِبُهُ الْحَاجُّ عَنْ نَفْسِهِ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «اجْعَلْ هَذِهِ عَنْ نَفْسِكَ» . رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ.

وَأَجَابَ الْقَاضِي بِأَنَّهُ أَرَادَ التَّلْبِيَةَ لِقَوْلِهِ هَذِهِ عَنْكَ، وَلَمْ يَجُزْ فَسْخُ حَجٍّ إِلَى حَجٍّ، وَعَنْهُ: يَقَعُ بَاطِلًا، اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ فِي " الْخِلَافِ "؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْوِ نَفْسَهُ فَلَا يَحْصُلُ لَهُ، وَغَيْرُهُ مَمْنُوعٌ مِنَ الْإِحْرَامِ عَنْهُ فَلَا يَصِحُّ لارتكابه النهي، (وَعَنْهُ) : يَجُوزُ عَنْ غَيْرِهِ، (وَيَقَعُ مَا نَوَاهُ) قَالَ الْقَاضِي: هُوَ ظَاهِرُ نَقْلِ مُحَمَّدِ بْنِ مَاهَانَ فِيمَنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ لَا مَالَ لَهُ، أَيَحُجُّ عَنْ غَيْرِهِ حَتَّى يَقْضِيَ دَيْنَهُ؟ قَالَ: نَعَمْ؛ لِأَنَّ الْحَجَّ يَدْخُلُهُ النِّيَابَةُ، فَجَازَ أَنْ يُؤَدِّيَهُ مَنْ لَمْ يُسْقِطْ فَرْضَ نَفْسِهِ، كَالزَّكَاةِ، وَفِي " الِانْتِصَارِ " رِوَايَةٌ يَقَعُ عَمَّا نَوَاهُ بِشَرْطِ عَجْزِهِ عَنْ حَجَّةٍ لِنَفْسِهِ.

فَعَلَى الْمَذْهَبِ: لَا يَنُوبُ مَنْ لَمْ يُسْقِطْ فَرْضَ نَفْسِهِ.

قَالَ فِي " الْفُرُوعِ ": وَيَتَوَجَّهُ مَا قِيلَ يَنُوبُ فِي نَفْلِ عَبْدٍ، وَصَبِيٍّ، وَيَحْرُمُ، وَجَزَمَ بِهِ فِي " الرِّعَايَةِ " وَمَتَى وَقَعَ الْحَجُّ لِلْحَاجِّ لَمْ يَأْخُذْ شَيْئًا، وَفِي " الْفُصُولِ " احْتِمَالٌ.

فَرْعٌ: إِذَا اسْتَنَابَ عَنِ الْمَعْضُوبِ أَوْ عَنِ الْمَيِّتِ وَاحِدًا فِي فَرْضِهِ، وَآخَرَ فِي نَذْرِهِ فِي سَنَةٍ جَازَ، وَزَعَمَ ابْنُ عَقِيلٍ أَنَّهُ أَفْضَلُ مِنَ التَّأْخِيرِ لِوُجُوبِهِ عَلَى الْفَوْرِ، وَلَكِنْ يُحْرِمْ بِحَجَّةِ الْإِسْلَامِ أَوَّلًا أَيُّهُمَا أَحْرَمَ أَوَّلًا، فَعَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ، ثُمَّ الْأُخْرَى عَنِ النَّذْرِ، وَلَوْ لَمْ يَنْوِ فِي ظَاهِرِ كَلَامِهِمْ (وَهَلْ يَجُوزُ لِمَنْ تَعَذَّرَ عَلَيْهِ الْحَجُّ بِنَفْسِهِ أَنْ يَسْتَنِيبَ فِي حَجِّ التَّطَوُّعِ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ) .

إِحْدَاهُمَا: يَجُوزُ، جَزَمَ بِهِ فِي " الْوَجِيزِ " وَصَحَّحَهُ فِي " الْفُرُوعِ "؛ لِأَنَّهَا حَجَّةٌ لَا تَلْزَمُهُ بِنَفْسِهِ فَجَازَ أَنْ يَسْتَنِيبَ فِيهَا كَالْمَعْضُوبِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>