فَمِنْ مَكَّةَ وَمَنْ لَمْ يَكُنْ طَرِيقُهُ عَلَى مِيقَاتٍ، فَإِذَا حَاذَى أَقْرَبَ الْمَوَاقِيتِ إِلَيْهِ، أَحْرَمَ. وَلَا يَجُوزُ لِمَنْ أَرَادَ دُخُولَ مَكَّةَ تَجَاوُزُ الْمِيقَاتِ بِغَيْرِ إِحْرَامٍ إِلَّا لِقِتَالٍ مُبَاحٍ، أَوْ حَاجَةٍ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
(وَلَوْ أَرَادُوا الْحَجَّ فَمِنْ مَكَّةَ) «لِقَوْلِ جَابِرٍ أَمَرَنَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا حَلَلْنَا أَنْ نُحْرِمَ مِنَ الْأَبْطَحِ» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَظَاهِرُهُ لَا تَرْجِيحَ لِمَوْضِعٍ عَلَى آخَرَ، وَنَقَلَ حَرْبٌ عَنْهُ: فِي الْمَسْجِدِ، وَلَمْ أَجِدْ عَنْهُ خِلَافَهُ، وَلَمْ يَذْكُرْهُ الْأَصْحَابُ إِلَّا فِي " الْإِيضَاحِ " قَالَ: يُحْرِمُ بِهِ مِنَ الْمِيزَابِ، وَعَنْهُ: فِيمَنِ اعْتَمَرَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ زَادَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ: يُهِلُّ بِالْحَجِّ مِنَ الْمِيقَاتِ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَعَلَيْهِ دَمٌ وَهِيَ ضعيفة عِنْدَ الْأَصْحَابِ، وَأَوَّلَهَا بَعْضُهُمْ بِسُقُوطِ دَمِ الْمُتْعَةِ عَنِ الْآفَاقِيِّ بِخُرُوجِهِ إِلَى الْمِيقَاتِ، وَعَنْهُ: إِذَا أَحْرَمَ مِنَ الْمِيقَاتِ عَنْ غَيْرِهِ، وَدَخَلَ مَكَّةَ فَقَضَى نُسُكَهُ، ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يُحْرِمَ عَنْ نَفْسِهِ وَاجِبًا أَوْ نَفْلًا أَوْ أَحْرَمَ عَنْ نَفْسِهِ، ثُمَّ أَرَادَ عَنْ غَيْرِهِ أَوْ عَنْ إِنْسَانٍ، ثُمَّ عَنْ آخَرَ، يَخْرُجُ يُحْرِمُ مِنَ الْمِيقَاتِ، وَإِلَّا لَزِمَهُ دَمٌ، اخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ.
وَفِي " التَّرْغِيبِ ": لَا خِلَافَ فِيهِ، وَفِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَشْهَرُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الْخُرُوجُ إِلَيْهِ، كَمَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْخِرَقِيِّ عَمَلًا بِإِطْلَاقِ الْحَدِيثِ.
وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ يَجُوزُ مِنَ الْحِلِّ وَالْحَرَمِ، وَنَصَرَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ، كَمَا لَوْ خَرَجَ إِلَى الْمِيقَاتِ الشَّرْعِيِّ، وَكَالْعُمْرَةِ، وَمَنَعُوا وُجُوبَ إِحْرَامِهِ مِنَ الْحَرَمِ وَمَكَّةَ.
(وَمَنْ لَمْ يَكُنْ طَرِيقُهُ عَلَى مِيقَاتٍ) كَعَنْدَابٍ فَإِنَّهَا فِي طَرَفِ الْمَغْرِبِ (فَإِذَا حَاذَى أَقْرَبَ الْمَوَاقِيتِ إِلَيْهِ أَحْرَمَ) لِقَوْلِ عُمَرَ: انْظُرُوا حَذْوَهَا مِنْ قَدِيدٍ. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، وَلِأَنَّهُ يُعْرَفُ بِالِاجْتِهَادِ، وَالتَّقْدِيرِ فَإِذَا اشْتَبَهَ دَخَلَهُ الِاجْتِهَادُ كَالْقِبْلَةِ، وَهَذَا فِيمَنْ عَلِمَ، فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ حَذْوَ الْمِيقَاتِ، أَحْرَمَ مِنْ بُعْدٍ؛ إِذِ الْإِحْرَامُ قَبْلَهُ جَائِزٌ، وَتَأْخِيرُهُ عَنْهُ حَرَامٌ فَإِنْ تَسَاوَى مِيقَاتَانِ فِي الْقُرْبِ إِلَيْهِ، أَحْرَمَ مِنْ أَبْعَدِهِمَا عَنْ مَكَّةَ، فَإِنْ لَمْ يُحَاذِ مِيقَاتًا، فَفِي " الرِّعَايَةِ " أَحْرَمَ بِقَدْرِ مَرْحَلَتَيْنِ، وَهُوَ مُتَّجِهٌ إِنْ تَعَذَّرَ مَعْرِفَةُ الْمُحَاذَاةِ.
١ -
(وَلَا يَجُوزُ لِمَنْ أَرَادَ دُخُولَ مَكَّةَ تَجَاوَزُ الْمِيقَاتِ بِغَيْرِ إِحْرَامٍ) نَصَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute