للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُكَرَّرَةٍ كَالْحَطَّابِ وَنَحْوِهِ. ثُمَّ إِنْ بَدَا لَهُ النُّسُكُ، أَحْرَمَ مِنْ مَوْضِعِهِ، وَمَنْ جَاوَزَهُ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

السَّلَامُ - وَقَّتَ الْمَوَاقِيتَ، وَلَمْ يُنْقَلْ عَنْهُ، وَلَا عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِهِ أَنَّهُمْ تَجَاوَزُوهُ بِغَيْرِ إِحْرَامٍ إِلَّا فِيمَا نَذْكُرُهُ، وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا «لَا يَدْخُلْ أَحَدٌ مَكَّةَ إِلَّا بِإِحْرَامٍ» فِيهِ ضَعْفٌ، وَعَنْهُ: لَا يَلْزَمُهُ إِلَّا أَنْ يُرِيدَ نُسُكًا ذَكَرَهَا جَمَاعَةٌ، وَصَحَّحَهَا ابْنُ عَقِيلٍ قَالَ فِي " الْفُرُوعِ ": وَهِيَ ظَاهِرَةٌ، وَيَنْبَنِي عَلَى عُمُومِ الْمَفْهُومِ، وَالْأَصْلُ عَدَمُ الْوُجُوبِ، وَحُكْمُ مَنْ أَرَادَ دُخُولَ الْحَرَمِ كَمَكَّةَ، فَإِنْ لَمْ يُرِدْ دُخُولَهُ، لَمْ يَلْزَمْهُ بِغَيْرِ خِلَافٍ؛ لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَأَصْحَابَهُ أَتَوْا بَدْرًا مَرَّتَيْنِ، وَكَانُوا يُسَافِرُونَ لِلْجِهَادِ فَيَمُرُّونَ بِذِي الْحُلَيْفَةِ بِغَيْرِ إِحْرَامٍ.

وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ إِذَا أَرَادَهَا لِتِجَارَةٍ أَوْ زِيَارَةٍ: أَنَّهُ يَلْزَمُهُ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَاخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ أَهْلِ فَرْضِ الْحَجِّ، وَلِعَدَمِ تَكَرُّرِ حَاجَتِهِ، وَالثَّانِيَةُ وَهِيَ ظَاهِرُ الْخِرَقِيِّ: لَا يَلْزَمُهُ، وَحَكَاهُ أَحْمَدُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ فَعَلَى الْأُولَى إِذَا دَخَلَ طَافَ وَسَعَى وَحَلَقَ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ كُلَّ دَاخِلٍ، وَإِنَّمَا هُوَ الْحُرُّ الْمُسْلِمُ الْمُكَلَّفُ، فَلَوْ كَانَ مِمَّنْ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ كَالْعَبْدِ وَالصَّبِيِّ وَالْكَافِرِ لَمْ يَلْزَمْهُمُ الْإِحْرَامُ مِنْهُ.

فَلَوْ زَالَ الْمَانِعُ بَعْدَ مُجَاوَزَتِهِ لِمِيقَاتِهِمْ فَمِنْ مَوْضِعِهِمْ، وَلَا دَمَ عَلَيْهِ.

وَعَنْهُ: بَلَى لِمَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ، وَعَنْهُ: يَلْزَمُ مَنْ أَسْلَمَ، نَصَرَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ؛ لِأَنَّهُ حر بالغ عَاقِلٌ كَالْمُسْلِمِ، وَهُوَ مُتَمَكِّنٌ مِنْ زَوَالِ الْمَانِعِ.

(إِلَّا لِقِتَالٍ مُبَاحٍ) «لِدُخُولِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ، وَعَلَى رَأْسِهِ الْمِغْفَرُ» ، وَلَمْ يُنْقَلْ أَنَّهُ هُوَ وَلَا أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِهِ أَحْرَمَ، وَحُكْمُ الْخَوْفِ كَذَلِكَ.

(أَوْ حَاجَةٍ مُكَرَّرَةٍ كَالْحَطَّابِ وَنَحْوِهِ) كَالْحَشَّاشِ لِمَا رَوَى حَرْبٌ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: لَا يَدْخُلَنَّ إِنْسَانٌ مَكَّةَ إِلَّا مُحْرِمًا إِلَّا الْحَمَّالِينَ، وَالْحَطَّابِينَ، وَأَصْحَابَ مَنَافِعِهَا احْتَجَّ بِهِ أَحْمَدُ، وَحُكْمُ الْمَكِّيُّ إِذَا تَرَدَّدَ إِلَى قَرْيَتِهِ بِالْحِلِّ كَذَلِكَ، إِذْ لَوْ وَجَبَ لَأَدَّى إِلَى ضَرَرٍ وَمَشَقَّةٍ، وَهُوَ مَنْفِيٌّ شَرْعًا.

قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: وَكَتَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ فِي حَقِّ قَيِّمِهِ لِلْمَشَقَّةِ.

(ثُمَّ إِنْ بَدَا لَهُ) أَيْ: مَنْ لَا تَلْزَمُهُ، أَوْ لَمْ يُرِدِ الْحَرَمَ (النُّسُكُ أَحْرَمَ مِنْ مَوْضِعِهِ) ؛ لِأَنَّهُ حَصَلَ دُونَ الْمِيقَاتِ عَلَى وَجْهٍ مُبَاحٍ فَكَانَ لَهُ الْإِحْرَامُ مِنْهُ كَأَهْلِ ذَلِكَ الْمَكَانِ، وَلِأَنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>