للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُرِيدًا لِلنُّسُكِ، رَجَعَ، فَأَحْرَمَ مِنْهُ، فَإِنْ أَحْرَمَ مِنْ مَوْضِعِهِ فَعَلَيْهِ دَمٌ، وَإِنْ رَجَعَ إِلَى الْمِيقَاتِ. وَالِاخْتِيَارُ أَلَّا يُحْرِمَ قَبْلَ مِيقَاتِهِ وَلَا يُحْرِمُ بِالْحَجِّ قَبْلَ أَشْهُرِهِ، فَإِنْ فَعَلَ فَهُوَ مُحْرِمٌ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

مَنْ مَنْزِلُهُ دُونَ الْمِيقَاتِ لَوْ خَرَجَ إِلَيْهِ ثُمَّ عَادَ لَمْ يَلْزَمْهُ. وَعَنْهُ: يَلْزَمُهُ كَمَنْ جَاوَزَهُ مُرِيدًا لِلنُّسُكِ.

(وَمَنْ جَاوَزَهُ مُرِيدًا لِلنُّسُكِ رَجَعَ) إِلَى الْمِيقَاتِ (فَأَحْرَمَ مِنْهُ) ؛ لِأَنَّ الْإِحْرَامَ مِنَ الْمِيقَاتِ وَاجِبٌ، وَمَنْ قَدَرَ عَلَى الْوَاجِبِ لَزِمَهُ فِعْلُهُ، سَوَاءٌ تَجَاوَزَهُ عَالِمًا أَوْ جَاهِلًا، عَلِمَ تَحْرِيمَ ذَلِكَ أَوْ جَهِلَهُ، وَشَرْطُ الرُّجُوعِ مَا لَمْ يَخَفْ فَوْتَ الْحَجِّ أَوْ غَيْرِهِ، وَأَطْلَقَ فِي " الرِّعَايَةِ " وَجْهَيْنِ.

(فَإِنْ أَحْرَمَ مِنْ مَوْضِعِهِ) صَحَّ إِحْرَامُهُ.

(وَعَلَيْهِ دَمٌ) لِمَا رَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَنْ تَرَكَ نُسُكًا فَعَلَيْهِ دَمٌ» ، وَلِتَرْكِهِ الْوَاجِبَ.

(وَإِنْ رَجَعَ إِلَى الْمِيقَاتِ) بَعْدَ إِحْرَامِهِ، لَمْ يَسْقُطِ الدَّمُ عَنْهُ، نَصَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ وَجَبَ لِتَرْكِ إِحْرَامِهِ مِنْ مِيقَاتِهِ فَلَمْ يَسْقُطْ، كَمَا لَوْ لَمْ يَرْجِعْ، وَعَنْهُ: يَسْقُطُ لِإِتْيَانِهِ بِالْوَاجِبِ.

فَرْعٌ: إِذَا أَفْسَدَ نُسُكَهُ هَذَا، لَمْ يَسْقُطْ دَمُ الْمُجَاوَزَةِ، نَصَّ عَلَيْهِ. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ كَدَمٍ مَحْظُورٍ، وَلِأَنَّهُ الْأَصْلُ، وَنقلَ مهَنا تَسْقُطُ؛ لِأَنَّ الْقَضَاءَ وَاجِبٌ.

(وَالِاخْتِيَارُ) أَيِ: الْأَفْضَلُ (أَنْ لَا يُحْرِمَ قَبْلَ مِيقَاتِهِ) الْمَكَانِيِّ لِفِعْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، وَلَا يُعْدَلُ عَنِ الْأَفْضَلِ، وَالْجَوَازُ حَصَلَ بِقَوْلِهِ، وَنَقَلَ صَالِحٌ: إِنْ نَوَى عَلَى ذَلِكَ، فَلَا بَأْسَ، وَاحْتَجَّ الْمُجِيزُ بِمَا رَوَتْ أُمُّ سَلَمَةَ أَنَّهَا سَمِعَتِ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: «مَنْ أَهَلَّ بِحَجَّةٍ أَوْ عُمْرَةٍ مِنَ الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى إِلَى الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ، وَمَا تَأَخَّرَ، أَوْ وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ، شَكَّ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَيَّتُهُمَا. قَالَ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ. قَالَ بَعْضُهُمْ: وَإِسْنَادُهُ جَيِّدٌ.

وَجَوَابُهُ: بِأَنَّهُ يَرْوِيهِ ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: لَيْسَ بِحُجَّةٍ، وَفِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّهُ ثِقَةٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>