وقال أبو منصور «٢» أيضا: «سمعت الشيخ أبا الطيّب يحكى أن الأموىّ صاحب الأندلس كتب إليه نزار هذا (يعنى العزيز صاحب مصر) كتابا يسبّه فيه ويهجوه؛ فكتب إليه الأموىّ:«أمّا بعد، قد عرفتنا فهجوتنا، ولو عرفناك لأجبناك» .
قال فاشتدّ ذلك على نزار المذكور وأفحمه عن الجواب. يعنى أنه غير شريف وأنّه لا يعرف له قبيلة حتّى كان يهجوه» . انتهى كلام أبى منصور.
ولمّا تمّ أمر العزيز بمصر واستفحل أمره وأخذ في تمهيد أمور بلاده، خرج عليه قسأم الحارثىّ وغلب على دمشق. وكان قسّام المذكور من الشّجعان، وكان أصله من قرية «تلفيتا» من قرى «٣» جبل سنّير. كان ينقل التّراب على الحمير؛ وتنقّلت به الأحوال حتّى صار له ثروة وأتباع وغلب بهم على دمشق حتّى لم يبق لنوّابها معه أمر ولا نهى؛ ودام على ذلك سنين. فلمّا ملك العزيز وعظم أمره أراد زواله، فندب إليه جيشا مع تكين «٤» ، فسار تكين إليه وحاربه أيّاما، وصار العزيز يمدّه بالعساكر إلى أن ضعف أمر قسّام واختفى أيّاما، ثم استأمن؛ فقيّدوه وحملوه إلى العزيز إلى مصر.