وقال القفطىّ غير ذلك، قال: «فغلب على دمشق رجل من العيّارين يعزف بقسّام وتحصّن بها (يعنى دمشق) وخالف على صاحب مصر، فسار لحربه الأمير الفضل من مصر، فحاصر دمشق وضاق بأهلها الحال؛ فخرج قسّام متنكّرا فأخذته الحرس؛ فقال: أنا رسول، فأحضروه إلى الفضل؛ فقال له: أنا رسول قسّام إليك لتحلف له وتعوّضه عن دمشق بلدا يعيش به، وقد بعثنى إليك سرّا؛ فحلف الفضل له. فلمّا توثّق منه قام وقبّل يديه وقال: أنا قسّام؛ فأعجب الفضل ما فعله وزاد في إكرامه وردّه إلى البلد وسلّمه إليه؛ وقام الفضل بكلّ ما ضمنه وعوّضه موضعا عاش به. فلمّا بلغ ذلك العزيز أحسن صلته» . انتهى.
وقال الذهبىّ رواية أخرى في أمر قسّام، قال:«وهو الذي يتحدّث الناس أنّه ملك دمشق، وأنّه قسم البلاد، وقدم لقتاله سلمان بن جعفر بن فلاح إلى دمشق بجيش، فنزل بظاهرها ولم يمكنه دخولها؛ فبعث إليه قسّام بخطّه: أنا مقيم على الطاعة. وبلغ العزيز ذلك فبعث البريد إلى سلمان ليردّه؛ فترحّل سلمان من دمشق؛ وولّى العزيز عليها أبا «١» محمود المغربىّ؛ ولم يكن له أيضا مع قسّام أمر ولا حلّ ولا عقد» . انتهى كلام الذهبىّ.
قلت: ولعلّ الذي ذكره الذهبىّ كان قبل توجّه عسكرتكين والفضل؛ فإنّ الفضل لمّا سار بالجيوش أخذ دمشق من قسام وعوّضه بلدا، وهو المتواتر.
والله أعلم.
وقال الحافظ أبو الفرج بن الجوزىّ:«كان العزيز قد ولّى عيسى بن نسطورس «٢» النّصرانىّ ومنشا «٣» اليهودىّ؛ فكتبت إليه امرأة: بالذى أعزّ اليهود بمنشا، والنصارى