وفيها توفّى محمد بن أحمد بن عبد الله بن نصر أبو طاهر الذهلىّ البغدادىّ القاضى نزيل مصر وقاضيها. ولد ببغداد في ذى الحجة سنة تسع وسبعين ومائتين.
وفيها توفّى الوزير أبو طاهر محمد بن محمد بن بقيّة وزير عزّ الدولة، وكان عضد الدولة قد بعث إليه يميله عن عزّ الدولة؛ فقال: الخيانة والغدر ليستا من أخلاق الرجال. فلمّا قتل عزّ الدولة قبض عليه عضد الدولة وشهّره في بغداد من الجانبين وعلى رأسه برنس، ثم أمر به أن يطرح تحت أرجل الفيلة فقتلته الفيلة، ثم صلب فى طرف الجسر من الجانب الشرقىّ، ولم يشفع فيه الخليفة الطائع لأمر كان في نفسه منه أيّام مخدومه عزّ الدولة، وأقيم عليه الحرس. فاجتاز به أبو الحسن محمد ابن عمر الأنبارىّ الصوفىّ الواعظ، وكان صديقا لابن بقيّة المذكور، فرثاه بمرثيته المشهورة وهى:[وافر]
علوّ في الحياة وفي الممات ... لحقّ أنت إحدى المعجزات
كأنّ الناس حولك حين قاموا ... وفود نداك أيّام الصّلات
كأنّك قائم فيهم خطيبا ... وكلّهم قيام للصّلاة
مددت يديك نحوهم احتفاء ... كمدّهما إليهم بالهبات
وتشعل عندك النّيران ليلا ... كذلك كنت أيّام الحياة
ركبت مطيّة من قبل زيد «١» ... علاها في السنين الماضيات
ولم أر قبل جذعك قطّ جذعا ... تمكّن من عتاق المكرمات
وتلك فضيلة فيها تأسّ ... تباعد عنك تعبير العداة
أسأت إلى النوائب فاستثارت ... فأنت قتيل ثأر النّائبات